أسس الحضارة الإسلامية، فأخذوا يشقون كل طريق نافع، ويجولون في كل ميدان خير، رغبة باغتنام أكبر مقدار ممكن من التقدم والارتقاء، في مظاهر الحضارة الإنسانية، حتى خطوا في ذلك خطوات عظيمات، كانت خلقة كبرى من حلقات سلسلة الرقي الإنساني، فلو أتيح لهم متباعة خطواتهم هذه، ولم يدب إليهم دبيب الضعف والوهن، والبعد عن مفاهيم الإسلام، لجاءت مظاهر حضارة القرن العشرين المادية على أيدي المسلمين، وقبل عدة قرون من ظهورها على أيدي غيرهم، ولكانت خالية من شوائب الفساد الاجتماعي والخلقي الذي تعاني منه هذه الحضارة الآن.
ولكن شاءت حكمة الله وقضت سنته أن تكون النتائج مقرونة بمقدماتها دائمًا، فالتقدم ثمرة العمل والتفكير وبذل الجهد، والتخلف ثمرة التواني والتهرب من المسئولية، وعدم المبالاة، والانشغال باللهو واللعب ومحقرات الأمور، وثمرة الانغماس في الشهوات والملذات.