وقد انفرد المسلمون من بين الناس بسبق بديع في فنون الخط، حتى غدا الخط العربي آية في الجمال بين سائر الخطوط العالمية، بل أصبح فنًّا قائمًا بذاته، فهو صورة رائعة للزخرفة الجميلة، مع ملاحظة أن هذه الزخرفة ليست ضائعة الدلالة، فهي ذات دلالات فكرية وعلمية بحسب ما تدل عليه كلمات هذه الخطوط، إلى جانب دلالاتها الفنية الجمالية.
ومن الفنون الجمالية التي يحض عليها الإسلام مختلف الآداب الشخصية والجماعية، وبها يُعطي المسلم صورة بديعة لجمال المظهر، وجمال المحادثة، وجمال المعاشرة، وجمال المجالس، وجمال السير في الطرقات.
ولما كانت القذارة منافية للجمال نهى الإسلام عنها، وأمر بالطهارة، فقال تعالى، لرسوله:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} وقال الرسول صلوات الله عليه: "الطهور شطر الإيمان".
ولما كان تشعيث الشعور منافيًا للجمال علمنا الإسلام تنظيفها وترجيلها وتنسيقها.
ولما كان المشي بنعل واحدة منافيًا للجمال أيضًا نهى الرسول صلوات الله عليه عن ذلك.
وتمشيًا مع هذا المنهج الجمالي المحبب للأنفس، قال صلوات الله عليه:"البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها".
الخطيئة: هي المعصية، وإنما كانت معصية لأنها منافية للذوق الجمالي من جهة، ومنافية لتعاليم الصحة من جهة أخرى، ولا سيما في مواطن العبادة التي هي محل اجتماع المسلمين.
وهكذا تسير الحضارة الإسلامية سيرًا شاملًا كل ما في الحياة من مجالات.
وهكذا نلاحظ كيف أدرك المسلمون الأولون معنى العالمية والشمول في