والمتدليات المقرنصة والنوافذ والأبواب والدهانات التي نشاهدها في مختلف الأبنية الإسلامية الأثرية المنبثة في معظم بلدان العالم الإسلامي الشيء الكثير، من آثار فنونهم الجميلة، التي لم يجعل الإسلام من دونها حاجزًا.
ولما كان الصور والتماثيل الحيوانية من الأمور المساعدة على غرس بزور الشرك بالله، ونشر الوثنيات المختلفة حرمها الإسلام، وإن كان الغرض منها الناحية الجمالية، وذلك لأن الصور والتماثيل، ربما تجعل المعجبين بمن تحاكيه يتقربون إليها بالتعظيم، تعبيرًا عن حبهم لمن تحاكيه، ومع تطاول الزمن وتوارث الأجيال ذلك عنهم، يتطور الأمر فيكون لونا من ألوان العبادة لها، وشركًا بالله ظاهرًا، وقد حصل نظير ذلك في القرون الأولى، ويحصل نظيره أيضًا مع تماثيل الزعماء المنقذين لشعوبهم في أمم كثيرة، ومنه تعظيم بعض المسلمين لقبور الصالحين، على أن الوثنية لم تنته بعد من العالم، والملاحظ أن الشعوب الوثنية ما زالت أكثر عددًا من الشعوب الأخرى.
ولما كان عرض زينة المرأة وجمالها الفاتن لغير من تحل له وسيلة للإثارة غير المشروعة، وسببًا لنشر الفساد في الأرض حرم الإسلام ذلك، وإنما أذن به إذا كان لمن تحل له معاشرتها دون غيره، فإذا رأى منها ما يسره لم يكن أمامه مانع يمنعه من تلبية مطالبة العضوية الفطرية منها.
وظهر نشاط المسلمين في ميادين الفنون الجمالية في مجالات الأدب القولي، عن طريق الشعر والنثر، على اختلاف أبوابهما، فأبدعوا في ذلك أيما إبداع، واهتدوا بروائع أدب الكلام الذي اشتملت عليه نصوص القرآن والسنة، وما فنون الشعر وعلوم الأدب والبلاغة بما اشتملت عليه من علوم "المعاني والبيان البديع" إلا بعض ثمرات هذا النشاط الجم في مجالات الفنون الجمالية الكلامية ذات الأهداف السامية.
وكان للمسلمين سبق رائع في فنون زخرفة الألبسة والآنية، والمراكب والكتب وغيرها، مما تشهد به آثارهم الباقية التي تختال بها المتاحف الكبرى في معظم دول العالم.