"ويستدل على حضارة سورية أيام سلطان العرب بما رواه الكتاب وبما لا يزال قائمًا فيها من المباني، وروى المؤرخون أن سورية لم تلبث أن ازدهرت بعد أن فتحها العرب، فقد جد العرب في دراسة كتب اليونان والرومان، مثلما جدوا في ميادين القتال، وأنشئوا المدارس في كل مكان، وصاروا أساتيذ من فورهم بعد أن كانوا تلاميذ، وأنهضوا العلوم والشعر والفنون الجميلة أيما إنهاض".
"وبلغت الصناعة والزراعة درجة رفيعة في سورية، وازدهرت كبريات المدن السورية، كالقدس، وصور، وصيدا، ودمشق، وكانت سورية من أغنى أقطار العالم دائمًا ما لم تنلها أيدي التخريب".
"فلما قبض العباسيون على زمام الخلافة في سنة "١٣٢هـ - ٧٤٠م" عزموا على تبديل العاصمة، فأقاموا بالقرب من بابل وعلى شاطئ دجلة مدينة بغداد التي لم تلبث أن صارت أشهر مدن الشرق".
الفنون الجمالية:
وكان للمسلمين نشاط جم في ميادين الفنون الجمالية، مبتعدين فيها عما لم تأذن به أسس الإسلام الاعتقادية والسلوكية.
وقد ظهر ذلك في هندسة المنشآت العمرانية الكبرى، وتزيينها بفنون الزينة الجميلة، عدا التماثيل، وصور الإنسان والحيوان، وكل ما فيه دلالة على أي لون من ألوان الشرك والكفر بالله.
وضمن المجالات المنفتحة أمامهم استطاعوا أن يبدعوا إبداعات رائعات، تشهد لهم بذلك النقوش والزخرفات البديعة، الباقية في آثارهم الحجرية والرخامية والخشبية والمعدنية وغيرها، وكذلك الرسوم البديعة فيما بقي من الفسيفساء التي زينوا بها جدران وأسقف الجوامع الكبرى.
وفي المحاريب والمنابر والمنارات والقباب والمقنطرات والأقواس