نظرة استقرائية شاملة للشريعة الإسلامية الدافعة إلى كل مجد حضاري كريم تكشف لنا أن من أسسها العامة الكبرى المثالية في العقائد والأهداف والغايات، والواقعية في الأعمال ومناهج الحياة.
تفصيل هذه الحقيقة:
أما المثالية فتنجلي في أمور ثلاثة:
الأمر الأول: الإيمان والأصول الاعتقادية، فهي في الإسلام الحقيقة المثلى، والإيمان بها يجب أن يكون تامًّا، وللمثالية في الإيمان درجات تتفاوت بحسب تفاوت الأفراد، نظرًا إلى استعداداتهم وإلى مدى تمسكهم بها.
الأمر الثاني: النيات وتكون المثالية فيها بابتغاء مرضاة الله في فعل الأعمال الحسنة، وفي ترك الأعمال السيئة، وملاحظة طاعته لدى فعل ما أمر به، أو ترك ما نهى عنه، أو فعل وترك ما أذن بفعله وتركه على السواء.
وهذا الابتغاء عمل من أعمال القلوب، ويطلق عليه اسم "النية". ولا غرو أن المثالية في هذا الأمر أيضًا ذات درجات، تتفاوت بحسب تفاوت الأفراد، نظرًا إلى استعداداتهم، وإلى مدى تمسكهم بها.
الأمر الثالث: نشدان الكمال في الأعمال، وذلك بالتطلع المستمر إلى الأحسن والأفضل والأنفع والأكمل من صور العمل واحتمالاته، وباستهداف الوصول إلى الغاية المثالية التي يمكن تحقيقها عن طريق العمل، ولو في أقل الأحوال الإنسانية، وأندرها.
وهذا النشدان يدفع الإنسان إلى التحسين والترقية باستمرار؛ سعيًا في طريق الكمال.