٤- وأما الواقعية في الأعمال ومناهج الحياة فتتجلى في خمسة أمور:
الأمر الأول: التكليف ضمن حدود الطاقة الإنسانية.
الأمر الثاني: رفع المسئولية في أحوال النسيان والخطأ والإكراه، التي لا يملك الإنسان دفعها.
الأمر الثالث: مراعاة مطالب الفكر والنفس والجسد، وعدم إهمالها، وذلك ضمن حدود طريق الخير.
الأمر الرابع: مراعاة واقع حال المجتمعات الإنسانية التي يتفاوت أفرادها في استعداداتهم، وخصائصهم، وذلك في البيانات الإسلامية، وفي أساليب التربية، وفي الأعمال الجماعية، وفي تحديد مناهج السلوك، وفي أصول المحاسبة والجزاء.
الأمر الخامس: مراعاة واقع حال النفس الإنسانية، المفطورة على حب المخالفة، والنزوع إلى الشذوذ، والمغامرة بامتحان المسالك الوعرة، ولهذا الواقع الإنساني مؤيدات صريحة في نصوص الشريعة الإسلامية.
منها ما رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون". حديث حسن.
وتكون مراعاة هذا الواقع بفتح باب الغفران للإنسان، وتهيئة أفضل الوسائل ليتخلص من الإثم، وليلقي عن كاهله أثقال الأوزار.
وهكذا تجمع أسس الحضارة الإسلامية بين المثالية والواقعية، جمعًا رائعًا، وتضع كلا منهما في محله الذي يليق به.