وفي ترك الأعمال السيئة، وفي ملاحظة طاعته سبحانه، لدى فعل ما أمر به أو ترك ما نهى عنه، أو فعل وترك ما أذن بفعله وتركه على السواء.
وليس بالعسير علينا أن ندرك أن المثالية في هدف الإنسان من عمله تتحقق حينما يبتغي به وجه الله تعالى، حتى ولو كان له في هذا العمل مصلحة مقصودة، كالطعام والشراب والكسب وتناول الشهوات، فإلى جانب المصالح التي تتحقق له بهذه الأمور يستطيع أن يضم إليها ابتغاء وجه الله، ويحقق الجانب المثالي، وأدنى ما في ذلك مع ملاحظة أن الله أباحها له، ولو أنه حرمها عليه لم يأت شيئًا منها.
ويتضح لنا بجلاء أن ابتغاء وجه الله هو الهدف المثالي إذا وضعنا احتمالات النيات التي تمثل أهداف الناس المختلفة، ضمن سلم ذي مراتب، ورتبناها بحسب درجة كمالها.
فلنضرب مثلًا على ذلك عملًا من الأعمال الإنسانية، ثم لنضع احتمالات النيات التي تمثل أهداف الناس في ذلك العمل، ثم لنجر فيما بينها المقارنة لنرتبها بحسب درجة كمالها، ثم لننظر بعد المقارنة المنصفة ما هو المثالي منها.
المثال: من الأعمال الحسنة بذل المال لذوي الحاجات.
فلنفرض أننا جمعنا في مدينة كبرى عددًا كبيرًا من ذوي المال، ودعوناهم إلى البذل، فبذل كل منهم ما جادت به نفسه بطريقة علنية، ثم سألناهم عن طريق الأوراق السرية ما هو هدف كل منهم فيما بذل، وطلبنا منهم الصدق في الإجابة لغرض الدراسة العلمية، فوضع كل منهم إجابته في الصندوق المقفل المعد لتلقي أوراق الإجابات، بعد أن حررها بصدق، لعلمه بأنه لن يعرف بحال من الأحوال أنه صاحب الإجابة.
وبعد قراءة الأوراق التي لا يعرف كاتب كل منها استطعنا أن نجمع الإجابات التاليات بعد حذف المكررات: