للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أمثلة العاطفة الإنسانية التي ربما تكون في الشر بذل المال لمدمن خمر أو قمار، ألحت عليه الحاجة الجانحة عن طريق الفضيلة أن يأخذ المال ليصرفه في الخمر أو في القمار، وربما تصل به الحاجة إلى مرحلة تستدر عطف الناس عليه، فيبذلون له المال، ويساعدونه على ما هو فيه من شر.

أما الذي يعمل وهو يلاحظ ابتغاء مرضاة الله فإنه لا يمكن أن تضعف عاطفته فتستدرج للمساعدة فيما فيه شر، وبذلك يكون مصونًا عن الانزلاق، ويكون عمله منحصرًا في طريق الخير.

وبهذا التحليل يتبين لنا أن ابتغاء مرضاة الله هي المثالية العظمى من كل الأهداف المحتملة، التي تحددها النيات في القلوب.

حرص الإسلام على الالتزام بمثالية ابتغاء مرضاة الله تعالى:

في المرتبة الثانية التي تلي مرتبة الالتزام بالمثالية في أركان الإيمان حرص الإسلام أشد الحرص، وأهتم أبلغ اهتمام بالالتزام بمثالية ابتغاء مرضاة الله تعالى في الأعمال.

ولا حاجة بنا إلى إعادة أن هذه المثالية مطلب ميسور لكل عاقل مريد، فهي مثالية في ذاتها، واقعية في إمكان تطبيقها.

ومن أجل هذا ربط الإسلام ثواب الأعمال الصالحة، وصحة العبادات بالنيات المقارنة لها، التي تعزم عليها القلوب.

ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

"إنما الأعمال بالنيا وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه".

وإلزامًا بهذه المثالية تأمر الآيات القرآنية في مجال الأعمال الصالحة بأن تكون الغاية منها ابتغاء مرضاة الله حتى يتحقق للإنسان كمال المثوبة عند الله

<<  <   >  >>