للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ، جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} .

وفي هذا النص أيضًا توجيه قرآني إلى الالتزام بالمثالية في تحديد الغاية من الصبر على طاعة الله والصبر عن معصيته، والمثالية في هذا هي ابتغاء مرضاة الله.

وتصعيدًا للإرادة الإنسانية لدى طلب حظوظ النفس، وتلبية رغائبها المادية أو المعنوية، والاستجابة لغرائزها تأتي المثالية فيها بعدة أمور، منها أن يكون طلبها من فضل الله، ولا يتم ذلك إلا مع صحة الإيمان بالله، وصدق التوكل عليه، والتقيد بما أذن به.

وحينما يلاحظ الإنسان هذه الحقائق لا بد أن يجد نفسه مشدودًا إلى طاعة الله، مدفوعًا عن معصيته.

ونستدل على توجيه الإسلام لهذه المثالية لدى طلب الحظوظ النفسية وتلبية رغائبها، والاستجابة لغرائزها بقوله تعالى في سورة "البقرة: ٢ مصحف/ ٨٧ نزول":

{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} .

فهنا نلاحظ أن الله تعالى قد أخذ بناصية الإرادة الإنسانية، ووجهها لما هو أسمى من مجرد الاستجابة لمطالب الغريزة الشهوية فقال: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} وهذا الابتغاء في الإرادة القلبية لا ينقص من أثر تلبية الغريزة شيئًا، فالإرادة يكفي أن تكون سابقة للعمل، على أن لكل منهما مكانًا قد يمكن معه التوزيع، فالغريزة مكانها الجسد وما يصاحبه من تصورات نفسية، والإرادة العليا مكانها القلب.

<<  <   >  >>