للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك قول إبراهيم عليه السلام لقومه فيما حكى الله عنه في سورة "العنكبوت: ٢٩ مصحف/ ٨٥ نزول":

{وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُون} .

فالرزق مطلب من مطالب الجسد، وابتغاؤه عند الله الفعال لما يريد عمل قلبي لا يؤثر على النشاط الجسدي المادي أي تأثير سلبي، وهذا الابتغاء صورة من صور المثاليات المطلوبة لأنها يسيرة التنفيذ.

ثالثًا: المثالية في نشدان الكمال في الأعمال

أما المثالية في نشدان الكمال في الأعمال، فهي القوة المحرضة في داخل الإنسان، التي تجعله يتطلع باستمرار إلى الانتقال من واقع النقص الذي هو فيه إلى ما هو أفضل منه وأحسن وأدنى إلى الكمال.

ومع هذا التطلع تنمو حوافز الترقية والتحسين، ومن راء ذلك تأتي المحاولات التنفيذية.

وفي أجواء التنافس بين الأفراد مع التحريض الإسلامي على التحسين تتنامى الصورة الحضارية العامة، التي تعذيها باستمرار قوى الدفع الإسلامي إلى القمم الحضارية المثلى.

ولما كان الناس يختلفون في تصوراتهم لأعمال الخير المثالية، وربما يحصرون المثالية في مجال منها، غافلين أو متغافلين عن المجالات الأخرى، وربما يرفعون الأعمال الناقصة أو غير ذات الشأن الكبير إلى مرتبة المثالية كان من روائع الإسلام أنه قدم في تعاليمه الصورة المثالية لأعمال الخير، وعرض في حياة الرسول صلوات الله عليه نموذجًا حيًّا لهذه المثالية.

ثم لم يجعل الإسلام هذه الصورة المثالية أمرًا مفروضًا على كل إنسان، وإنما جعلها هدفًا أسمى، يتنافس المتنافسون في التسابق إليه، أما الصورة

<<  <   >  >>