أما الذي يلاحظ هذا المعنى حينما يعبد الله، ولكنه يلاحظ مع ذلك قدرة الله، وإحسانه، وعدلة، وشديد عقابه، وتهيمن عليه خشية الله، ورجاء ثوابه ومخافة عقابه، فإنه لا يخرج عن دائرة المثالية؛ لأن كل هذه المعاني تدور في حدود صفات الله ذات المثالية المطلقة، والفرق أن بعض هذه الصفات هي من كمال الله الذاتي، وبعضها من الكمالات ذات الأثر في سعادة عباده أو شفائهم.
ولا يُنزل الإنسان عن مرتبة المثالية أن يفعل الخير للخير، ولحظ نفسه منه معًا، فمن الخير أن يريد الإنسان لنفسه الخير، وهو أولى بذلك من غيره.
بل الذي يهبط بالإنسان حقًّا هو أن يتبع حظوظ نفسه، متجافيًا عن سبيل الخير. ومن أجل ذلك لم يمنع الإسلام في الجهاد من أن يطمع المسلمون بمجد النصر، وبمنافع الغنيمة، أو بثواب الشهداء عند الله، مع اشتراط أن تكون الغاية من الجهاد إعلاء كلمة الله، وابتغاء مرضاته، فإذا أثر الطمع بالنصر أو الغنيمة على أصل الهدف فسدت النية، ونزلت عن مرتبتها المثالية المطلوبة.
ونقول نظير ذلك أيضًا في الحج ومنافعه، والصوم وفوائده، والزكاة وآثارها، ونحو ذلك.