للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أمثلة هذا النسيان الذي ترتفع معه المؤاخذة أن ينسى المسلم الحريص على أداء صلاته نسيانًا حقيقيًّا، لسبب فكري أو نفسي عارض إحدى الصلوات المفروضة، ثم يمر وقتها وينقضي دون أن يذكرها.

وهنا ينظر الله إلى حقيقة ما في نفسه من أحوال يعتريها النسيان فيرفع عنه المؤاخرة على تأخير الصلاة عن وقتها، ويأتي كلام الرسول صلوات الله عليه وعمله١ مبينًا ما يجب على هذا الناسي.

عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك، واقم الصلاة لذكرى". رواه البخاري.

ومن أمثلته أيضًا أن ينسى المسلم في شهر رمضان أنه صائم فيأكل أو يشرب ناسيًا، ومثل هذا النسيان أحد العوارض التي تعرض للإنسان وهو صائم، لذلك ينظر الله إليه برفع المؤاخذة.

عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا نسي -أي الصائم- فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه". رواه البخاري.

ومن أمثلته أيضًا أن ينسى الإنسان ما عهد إليه بحفظه فيضيع من ذاكرته، ومثل هذا النسيان أحد العوارض التي تعرض للنفس الإنسانية باستمرار، لذلك ينظر إليه برفع المؤاخذة، ما لم يكن ناشئًا عن هجر لما حفظه وإهمال له.

ومن هذا نسيان آدم عليه السلام ما عهد الله إليه بحفظه، فعرضت له


١ ومن عمله صلوات الله عليه في نسيان الصلاة ما رواه البخاري عن جابر بن عبد الله: أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعدما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش، قال: يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "والله ما صليتها"، فقمنا إلى بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب.

<<  <   >  >>