للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإكراه: هو الإلزام على سبيل القهر والغلبة بالقيام بعمل من الأعمال تحت تأثير قوة ملجئة، أو تهديد بانتقام أشد ضررًا أو شرًّا من الضرر أو الشر اللذين يُفضي إليهما العمل المكره عليه، أو مساويين لهما، والملزم بالقيام بالفعل كاره له، مقهور عليه مغلوب على أمره فيه.

وقد اقتضت الواقعية في أسس الإسلام مراعاة مثل هذا الأمر الذي يتعرض له الإنسان في حياته، مما هو خارج عن نطاق إرادته الحرة؛ إذ تكون إرادته فيه مغلوبة مستكرهة، ولذلك نلاحظ أن الأحكام الإسلامية قررت مع هذا النوع من الإكراه رفع مسئولية الإنسان عن العمل المستكره عليه.

وهذا ما يقصد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:

"وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".

أي: وضع عنهم جزاء هذه الأمور، واعتبرت الأفعال الناجمة عنها مغفوًا عنها، وذلك ضمن شروط الإعفاء من المسئولية في كل منها.

والشرط في رفع المسئولية عن المكره ألا تتفق إرادته القلبية مع إرادة من استكرهه على العمل، أو ألا تكون إرادته القلبية موافقة على القيام بالعمل ذاته بعيدًا عن ملاحظة حالة الإكراه الضاغطة عليه.

ومن أمثلة ذلك إكراه أولياء الإماء على البغاء بسلطان الولاية، قال الله تعالى في سورة "النور: ٢٤ مصحف/ ١٠٢ نزول":

{وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .

أي: غفور لهن رحيم بهن؛ لأنهن كن مكرهات على ما فعلن كارهات له.

ومن أمثلة ذلك أيضًا أن يكره المؤمن على إعلان الكفر بتهديده وتوعده بالقتل الذي لا يستطيع دفعه، أو بالعذاب الشديد الذي لا يستطيع تحمله، وهنا،

<<  <   >  >>