ومن أمثلة ذلك تكليف العلماء الأكفياء المختصين مقارغة أهل الباطل بالحجج والبارهين الدامغة، وتكليف ذوي المال بذل أموالهم إذا دعا داعي الجهاد الواجب، وتكليف الأشداء الأقوياء المدربين الوقوف في الصفوف الأولى عند لقاء العدو، وهكذا.
شرح الواقعية في أصول المحاسبة والجزاء:
ومن مظاهر الواقعية في الإسلام الواقعية في أصول المحاسبة والجزاء.
إن الواقعية في هذا المجال تحددها في الإسلام جملة من القواعد العامة، التي جعلها الله تبارك وتعالى أساسًا لمحاسبة عباده ومجازاتهم على أعمالهم، ومن هذه القواعد ما يلي:
القاعدة الأولى:
المسئولية عند الله تعالى تناسب زيادة ونقصًا مع نسبة الخصائص والهبات الربانية للإنسان، والظروف المحاط بها.
القاعدة الثانية:
لا تزر وازرة وزر أخرى، فلا يحاسب الإنسان إلا على ما اكتسبه من إثم، ومما يكتسبه من آثام أن يسن سنة سيئة يتبعه فيها آخرون، فهو يحمل وزر عمله المباشر، ووزر إضلاله لمن اتبعه، دون أن ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا؛ لأنهم مسئولون أيضًا عما يعملون، ويدخل فيما يكتسبه من آثام أيضًا آثار أعماله السيئة الجارية ولو بعد موته، كنشر علم ضار، أو تأسيس دار لمعصية الله.
القاعدة الثالثة:
ليس للإنسان إلا ما سعى، فلا يثاب إلا على ما كسبه من أعمال صالحة، ومما يكسبه من أعمال صالحة أن يسن سنة حسنة، فله بذلك أجر عمله، وأجر مثل أجر من اتبعه، دون أن ينقص ذلك من أجورهم شيئًا؛ لأن هذه الثمرات الطيبات كانت من آثار عمله وسعيه، فهو ينال منها أجرًا، ويدخل فيها يكسبه من