رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأتاخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ فقال:"يا أيها الناس إن منكم منفرين، فأيكم أم الناس فليوجز فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة". رواه البخاري ومسلم.
وفي صحيح مسلم عن أبي عبد الله جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال:"كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات فكانت صلاته قصدًا وخطبته قصدًا" أي: كانت متوسطة بين الطول والقصر.
شرح الواقعية في تحديد مناهج السلوك:
ومن مظاهر الواقعية في الإسلام الواقعية في تحديد مناهج السلوك للناس.
هذه الواقعية أمر يشهد له كل ما في الإسلام من مناهج ونظم عملية، في العبادات، والمعاملات، والأخلاق، وسائر ميادين العلم والعمل. إذ هي مناهج ونظم لا تزيد حدودها المفروضة عن استطاعة النسبة الوسطى من الناس.
وأما من هم دون هذه النسبة الوسطى فإن الإسلام يقرر لهم استثناءات خاصة بهم، كالاستثناءات الخاصة بالأعمى، والأعرج والمريض، والمسافر، والحائض، والنفساء، ونحو هؤلاء وذلك بحسب نوع التكاليف، ومقدار ما تتطلب من جهد واستطاعة.
وأما من هم فوق النسبة الوسطى من الناس فإن الإسلام يفتح لهم مجالات التسابق في اغتنام الخيرات، والعمل لبلوغ الدرجات العليا من درجات المقربين ذوي المجد عند الله، ولكن دون إلزام تكليفي بها، يجعلهم من المؤاخذين المذنبين إذا قصروا فيها، وذلك ما لم يكونوا في موضع المسئولية بالنسبة إلى أعمال خاصة تتطلبها جماعة المسلمين بشكل عام، وهم الأكفياء للقيام بها، فعند ذلك تكون واجبة عليهم، بنسبة كفايتهم، وبنسبة حاجة العمل الإسلامي العام إليه.