أما الذين يعطلون أدوات المعرفة التي وهبهم الله إياها، أو يستخدمونها في حدود ظواهر الحياة الدنيا فقط، ثم لا ينتقلون من ذلك إلى معرفة خالقهم ورازقهم ومفيض النعم الظاهرة والباطنة عليهم، ولا يؤمنون به، ولا يعبدونه، ولا يشكرونه، فأحر بهم أن يقال عنهم صم وبكم وعمي فهم لا يعقلون، وذلك لأنهم قد عطلوا هذه الأدوات التي منحهم الله إياها عما خلقت من أجله، فهم وفاقدوها سواء، وأولئك شر الدواب عند الله، قال تعالى في سورة "الأنفال: ٨ مصحف/ ٨٨ نزول":
وإنما كانوا أضل من الأنعام لأن لديهم أدوات المعرفة، فعطلوها عما حلقت من أجله، أما الأنعام فإنها لم تمنح الأداة الكبرى للمعرفة التي يكون بها التفكير والفهم والعقل، لذلك فهي غير مسئولة عن شيء ليس لديها أداته.
ولما وضع الله الإنسان المكلف موضع المسئولية عن كل تصرف من تصرفاته الإرادية نبه على أن المناط الأول للمسئولية هي أدوات المعرفة التي لديه، وأن اتباعه، ما ليس له به علم يُعرض هذه الأدوات للسؤال بين يدي الله، ولمناقشة الحساب، قال الله تعالى في سورة "الإسراء: ١٧ مصحف/٥٠ نزول":