للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسيأتي إن شاء الله تأييد هذا الكلام عن الأخبار، بالنصوص والشواهد القرآنية عند الكلام عن منهج الإسلام في الاعتماد على المستندات الإخبارية.

الطريق المقبول بوجه عام:

هو الطريق الذي يفيدنا ظنًّا راجحًا بتحقق ما توصلنا إليه من معارف بسببه، ولا يفيدنا علمًا يقينيًّا مقطوعًا به، بل تظل النتائج قابلة في عقولنا لاحتمال الخطأ ولو كان الاحتمال ضعيفًا.

ومسالك هذا الطريق المقبول مشابهة لمسالك الطريق المنطقي السليم، إلا أنها دونها في قوة إثبات الحقائق العلمية، وبما أننا لا نستطيع أن نثبت حقيقة علمية إلا بأدلتها، فإن المدركات الفكرية مهما كانت محببة لنا منوطة بأدلتها قوة وضعفًا، فإذا كان الطريق إليها طريقًا يقينيًّا، والدليل عليها دليلًا قاطعًا كانت حقائق يقينية في عقولنا، وإذا كان الطريق إليها طريقًا ظنيًّا، والدليل عليها دليلًا غير قاطع، لكنه قوي، كانت معارف ظنية مقبولة، إلا أنها تحتمل الخطأ نظرًا إلى دليلها غير القاطع. وقد تكون في واقع حالها من الحقائق الثابتة، إلا أنه ليس في أيدينا دليل على ذلك، وربما تكون أمرًا باطلًا، إلا أن عذرنا في الأخذ بها واعتمادها اعتمادًا غير قطعي، أن دليلها جعلها راجحة على الاحتمالات المضادة لها، ونحن مكلفون عقلًا وشرعًا أن نعمل بالراجح.

أما إذا كان الطريق إليها طريقًا ضعيفًا والدليل عليها دليلًا وهميًّا أو تخيليًّا أو تقليديًّا فإنها يجب أن تبقى في حدود الوهميات والتخيليات التي لا دليل عليها، وأن تظل قيد البحث والتتبع ما لم تقم الأدلة اليقينية على رفضها، فإنها عند ذلك يجب أن تنسخ من التوهم والتخيل نسخًا نهائيًّا، وتوضع مع أكوام المقطوع بنفيها.

وفي تفصيل مسالك الطريق المقبول الذي يفيدنا الظن الراجح، وتظل النتائج المدلل عليها به عرضة لاحتمال الخطأ، نلاحظ أن أهمها المسالك التالية:

<<  <   >  >>