للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يفيدنا العلم اليقيني قطعًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مشهود له من قبل الله بلسان حال المعجزة التي أجراها الله على يديه أنه صادق فيما أخبر به عن ربه؛ لأنه أخبر عن وحي، وكل ما يأتي به الوحي حق لا شك فيه؛ لأن الله تعالى منزه عن الكذب، ولا يمكن أن يأذن لملك من ملائكته بأن يكذب عليه جل وعلا.

وبهذا يتبين لنا أنه يجب عقلًا تصديق الرسول في كل ما أخبر به من أحكام الشريعة، ومن أمور الغيب؛ لأنه يفيد العلم اليقيني، سواء أخبر به في نص آية من كتاب الله أم أخبر به بكلام من عنده، لا فرق في ذلك مطلقًا.

فأصحاب الرسول الذين عاصروه ما كانوا يفرقون قط في التسليم بما يبلغه الرسول إليهم من أحكام وغيوب، بين آية قرآنية يرويها وبين حديث يقوله من عنده.

وأما بالنسبة إلينا فإذا لم نسمع من الرسول مباشرة بل سمعنا ممن رووا عنه -والذين رووا عنه ليسوا بمعصومين- وجدنا أنفسنا بحاجة إلى أن نفرق بين ما نقل إلينا عن الرسول بطريق متواتر يفيد العلم اليقيني، وبين ما نقل إلينا بطريق غير متواتر لا يفيد العلم اليقيني.

وبعد البحث والاستقرار رأينا أن كتاب الله تعالى الذي وصل إلينا بروايات القراء العشرة بكل ما فيه منقول إلينا بطريق التواتر الذي يفيد صدق النقل عن الرسول قطعًا، وهذا يفيدنا العلم اليقيني بأنه كلام الله تعالى قطعًا.

وأما أحاديث الرسول صلوات الله عليه فبضعها منقول بالتواتر الذي يفيد العلم اليقيني، وأكثرها منقول بما دونه، لهذا وجب علينا أن نفرق بينها، نظرًا لاحتمال الخطأ أو الكذب، فيما لا يتضمن منها إفادة العلم اليقيني بصدق الخبر، أي: لم ينقل إلينا بالتواتر اللفظي أو المعنوي.

المتواتر من الأخبار:

ما يرويه جمع عن جمع حتى مصدر الخبر يستحيل عقلًا تواطؤهم على الكذب في كل حلقات سلسلة الإسناد.

<<  <   >  >>