أما حينما تقصر أدلة البحث عن أن تصل بالإنسان إلى هذه المرتبة فإن نتيجة بحثه لا تسمى يقينًا.
المرتبة الوسطى:
ومن دون المرتبة العليا التي هي مرتبة اليقين تتدرج الظنون بحسب قوتها وضعفها، وبعض هذه الظنون -وهي الظنون الراجحة- يصح الاعتماد عليها عقلًا وشرعًا، في كثير من الأمور، فيصح الاعتماد عليها في تسيير أعمال الحياة، وفي اكتساب الرزق، وفي تحصيل النظريات العلمية ذات الآثار العملية، وفي أساليب التربية والتعليم، وفي استنباط الأحكام الشرعية، وفي الحكم والقضاء، والتبرئة والإدانة؛ لأنه لا سبيل إلى اليقين التام في كل مسألة، وإلا تعطلت أمور الحياة.
وقد توسع الإسلام فسمى الظنون الراجحة نوعًا من العلم، نظرًا إلى الضرورة الملحة في حياة الناس، الداعية إلى الاعتماد عليها، والاكتفاء بها في كثير من الأمور.
ويشهد لهذا قول الله تبارك وتعالى في سورة "الممتحنة: ٦٠ مصحف/ ٩١ نزول":
فقد جعل الله من العلم غلبة الظن التي تحصل بامتحان هؤلاء المهاجرات، والتي ترجح أنهن مؤمنات، فقال:{فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} مع أنه لا سبيل إلى اليقين في ذلك؛ لأن حقيقة الإيمان كامنة في القلوب لا يعلمها إلا الله، ولذلك قال تعالى في الآية:{اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِن} .
والدلائل التي تدل على الإيمان بالنسبة إلى الناس لا تعدو أن تكون ظواهر مرجحة، وقد يكون المكنون في القلوب