للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على خلاف ذلك، ومع هذا فقد جعل الله نتائج هذا الامتحان التي لا تصل إلى مرتبة اليقين، وإنما تصل إلى مرتبة الظن الراجح نوعًا من العلم، الذي يصح الاعتماد عليه، والاستفادة منه.

وهذه هي المرتبة الثانية من نتائج مراتب البحث العلمي، ولهذه المرتبة درجات، يشترط لأنواع من قضايا الحياة أعلاها، ويُكتفى في بعضها بأوسطها، ويُكتفى في بعضها الآخر بأدناها، وقد توسع الإسلام كما رأينا فسماها نوعًا من العلم، لتعذر الوصول إلى اليقين في كل مسألة.

ونستطيع أن نقول: إن معظم "النظريات" التي تقررها العلوم المادية القديمة والحديثة لا تتجاوز دائرة هذه المرتبة.

فمما يشترط له الدرجات العليا من الظن الراجح الإتهام بالزنا، فإنه يشترط لإثباته قضاء أن يشهد به أربعة شهداء، مع أن رجحان الظن يتم بشهادة شاهدين عدلين، أو شاهد واحد، ولكن الإسلام أراد الاحتياط في هذا الأمر، صيانة لأعراض الناس من الفضيحة، ولكراماتهم من الإهانة، ولأجسامهم من الحد.

وفيما يلي طائفة من النصوص القرآنية التي جاء الظن فيها، وهو من درجات هذه المرتبة الوسطى المقبولة، نظرًا إلى أنه من الظنون الراجحة:

١- قول الله تعالى في معرض الحديث عن داود عليه السلام في سورة "ص: ٣٨ مصحف/ ٣٨ نزول":

{قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} .

فقد كان ظن داود ظنًّا راجحًا مقبولًا، اعتمد فيه على دلائل قوية.

٢- وقول الله تعالى في سورة "القيامة: ٧٥ مصحف/ ٣١ نزول":

{كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ، وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ، وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} .

<<  <   >  >>