للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- وضع الله المشركين الذين يدعون من دون الله في مأزق خرج من المناقشة الحرة المنطقية، وفسح لهم مجال إقامة الدليل على ما يدعون بالخبر الصادق، إذا هم عجزوا عن إقامة الدليل على ما يدعون عن طريق المشاهدة الحسية، أو عن طريق الاستبدال العقلي، وذلك في قوله تعالى يُعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سورة "الأحقاف: ٤٦ مصحف/ ٦٦ نزول":

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} .

ألسنا نلاحظ أن هذه الآية العظيمة قد علمت الرسول كيفية مطالبة المشركين بالدليل الحسي، أو الدليل العقلي، على إثبات هؤلاء الشركاء الذين يدعون من دون الله، وذلك بقوله: {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} .

أي: أثبتوا لي بدليل المشاهدة الحسية أو بدليل الاستدلال العقلي من خلال الظواهر الأرضية ذلك الشيء الذي خلقوه من الأرض، حتى استحقوا بخلقه أن تجعلوهم شركاء لله.

ثم علمته كيفية مطالبتهم بدليل الخبر الصادق على إثبات شركائهم الذين يدعون من دون الله، بقوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} .

أي: فإن عجزتم عن إقامة الدليل الحسي أو العقلي، وأدعيتم شركتهم في السماوات وهي بعيدة عن مجال حسكم واستنتاجاتكم، فإننا نقبل منكم دليل الخير الصادق عن كتاب سماوي منزل من قبل القرآن، ونقبل منكم دليل الخير الصادق عن بقية من علم مأثور عن رسول من رسل الله، الذين تلقوا علومهم عن الوحي.

٣- أخذ اليهود يعترضون على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكله لحوم الإبل وشربه ألبانها، مع أنه ينادي بأنه على دين إبراهيم عليه السلام، فقال لهم

<<  <   >  >>