في أمر من أمور دنياه، دون أن تتضمن هضمًا لحق آخر أو إتهامًا له، وذلك كأن تتضمن مثلًا التحذير من خطر لا ضرر من الاحتياط في الحذر منه، ولو بالظن الضعيف.
وهذه المرتبة يكفي فيها انفتاح النفس لقبول صحة الخبر، والاقتناع به، دون النظر في حالة المخبر وصفته؛ لأن موضوعه لا يتطلب أكثر من اتخاذ الاحتياطات والأسباب اللازمة لدفع الخطر، أو الفرار منه.
ويمكن أن نستأنس لهذا بما جاء في القرآن الكريم في حكاية فرار موسى عليه السلام من مصر، بعد قتله الرجل من أتباع فرعون، ثقة بخبر الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يخبره بأن الملأ يأتمرون به ليقتلوه، قال الله تعالى في سورة "القصص: ٢٨ مصحف/ ٤٩ نزول":
ويلاحظ أن هذه المرتبة هي التي يعتمد عليها الناس في أكثر أمورهم الشخصية من تجارات وصناعات وزراعات وأمور سياسية وعسكرية وأشباه ذلك.
وعلى مقدار تفاوت الناس في دقة ملاحظاتهم ومحاكماتهم لما يعرض لهم من أمور الدنيا ينالهم التوفيق، ويحالفهم النجاح فيها، بالنظر إلى الأسباب الدنيوية الظاهرة.
هذه هي الخطوط العريضة لمنهج الإسلام في الاعتماد على الأدلة النقلية الإخبارية، والتثبت من الأخبار، عرضتها مجموعة في نسق فكري متماسك، وأما تفصيلاتها الجزئية، وأمثلتها فموزعة في كتب أصول الفقه الإسلامي، وأصول الحديث، وكتب الفروع الفقهية، وبهذا الجمع يتضح للباحث إشراقة بديعة من سمو المنهج العلمي في الإسلام.