ويثير الانتباه في هذا النص وجود هذا القيد:{مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} مع أنه ليس لله شريك قطعًا، فهي قضية من بدهيات التوحيد في الإسلام، ولكن الإسلام لا يريد من المسلمين حتى في المسلمات الكبرى في الدين أن يأخذوا قضية من القضايا إلا على أساس علمي.
أليس في هذا إثارة للعقل الإنساني أن يبحث بحث التحري العلمي للحقائق مهما كان شأنها، حتى ولو كانت من حقائق الربوبية والإلهية المقطوع بها؟!! إذن فليس المفروض في المسلم أن يقبل الحقائق إلا عن علم بها ومعرفة لها، وبحث عنها وفق أصول المعرفة المنطقية السليمة.
وهذا يجعلنا ندرك بحق مبلغ اعتماد الإسلام على أسس العلم والمعرفة في كل أمر من أمور الوجود، حتى في أصول الدين وكبريات العقائد.
ومن خلال هذه النصوص ونظائرها التي تشتمل عليها سور القرآن الكريم، وأحاديث الرسول العظيم، نلاحظ مدى دفع الحضارة الإسلامية إلى البحث العلمي، تأملًا في السماء، وتأملًا في الأرض، وتأملًا في أغوار الأنفس، للوصول إلى الإيمان الحق، ولبناء الحضارة الإسلامية، بناء واقعيًّا مجيدًا على أسسها الفكرية الراسخة.
ومتتبع القرآن الكريم يجد حشدًا عظيمًا من الآيات التي تلفت نظر العقلاء بشدة إلى التأمل في كل شيء: في خلق السماء، وفي خلق الأرض، وفي اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما، وفيما دخلت فيه يد الصناعة الإنسانية، فاستفادت في صنعه، من سنن الله الدائمة في الكون، وقوانينه التي رتب بمقتضاها طبائع الأشياء، كالفلك التي تجري في البحر، وفي السحاب، وفي المطر، وفي النبات، وفي الرياح، وفي الثمار، وفي الجبال، وفيما بث الله في