للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمؤلمات الدنيوية سبب خير كبير له في الآخرة، ومن تجاوز حدود الله وآثر الحياة الدنيا لم تنفعه النعم والخيرات الكثيرات التي تمتع بها في دنياه، بل تكون عليه وبالًا يوم القيامة، وسبب شر كبير يجازي به على ما فرط في جنب الله.

هـ- وقول الله تعالى في سورة "يونس: ١٠ مصحف/ ٥١ نزول":

{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} .

وفي هذه الآية جاء استعمال كلمة الضر في مقابل كلمة الخير للدلالة على أن المراد بالخير هنا النعم الدنيوية، جريًا مع الاستعمال الشائع عند الناس.

الوجه الثاني: وتطلق لفظة "خير" أيضًا على أنها أفعل تفضيل بمعنى أخير ويرادها بهذه المعنى كلمة أفضل أو نحوها، وقد يستعمل في مقابل لفظة خير على هذا المعنى كلمة أدنى أو نحوها.

كما قد تطلق كلمة "شر" على أنها أفعل تفضيل بمعنى أشر ويرادفها بهذا المعنى كلمة أدنى أو أخس أو نحوهما.

استعمالات قرآنية على هذا الوجه:

وقد ورد في القرآن الكريم استعمال كلمتي "خير وشر" على هذا الوجه من وجوه الاستعمال العربي، فمن ذلك الأمثلة التالية:

أ- قول الله تعالى في سورة "البقرة: ٢ مصحف/ ٨٧ نزول":

{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} .

فقد أنكر موسى صلوات الله عليه على قومه أن يطلبوا استبدال البقل والقثاء والفوم والعدس والبصل بالمن والسلوى، مع أنهما أفضل لذة وغذاء من هذه النباتات التي يطلبونها ويشتهونها، وظاهر هنا أنه لا معنى للخيرة إلا الأفضلية المادية؛ لأن كلا من الرزقين، من نعم الله على عباده.

<<  <   >  >>