وذلك أن اليهود أخذوا يعترضون على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في أكلة لحوم الإبل وشربه ألبانها، مع إعلانه أنه على دين إبراهيم عليه السلام، مدعين بأنها كانت محرمة في ملة إبراهيم، فقال لهم الرسول: كان ذلك حلالًا لإبراهيم فنحن نحله، فقال اليهود: إنها لم تزل محرمة في ملة إبراهيم ونوح عليهما السلام، فنزل قول الله يأمر رسوله بأن يطالبهم بتقديم الدليل على ما يدعون من نقل صحيح، وذلك في قوله تعالى:{قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} .
القاعدة الرابعة:
ألا يكون المناظر ملتزمًا في أمر من أموره بضد الدعوى التي يحاول أن يثبتها، فإذا كان ملتزمًا بشيء من ذلك كان حاكمًا على نفسه بأن دعواه مرفوضة من وجهة نظره.
ومن الأمثلة على سقوط دعوى المناظر بسب التزامه بضد دعواه، وقبوله له، استدلال بعض من أنكر رسالة محمد صلوات الله عليه بأنه بشر، وزعم هؤلاء أن الاصطفاء بالرسالة لا يكونو للبشر، وإنما يكون للملائكة، أو مشروط بأن يكون مع الرسول من البشر ملك يرى، وفي اعتراضهم على بشريته قالوا:"ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق" مع أنهم يعتقدون برسالة كثير