يختلف الباحثون من الفلاسفة وعلماء الأخلاق في تحديد معنى الخير، وتحديد معنى الشر؛ إذ يرجعهما بعضهم إلى مبدأي المنفعة والمضرة، ضمن حدود المنافع والمضار الدنيوية العاجلة، التي لا يرافقها نظرة شاملة للزمن والإنسانية والكون والحياة على وجه العموم، ويرجعهما بعضهم إلى مبدأي اللذة والألم ضمن حدود الإحساسات الجسدية والنفسية التي يحسها الإنسان، ويرجعهما بعضهم إلى مبدأي المصلحة والمفسدة في حدود النظرات الضيقات التي ينظر بها فرد أو مجموعة من الناس، ويلاحظ بعضهم جانب الفرد مهملًا حق الجماعة الإنسانية كله أو بعضه، ويلاحظ بعضهم جانب الجماعة مهملًا حق الفرد كله أو بعضه، ويجعلهما بعضهم من الأمور الاعتبارية التي لا وجود لها في الحقيقة، فهي تختلف باختلاف الأزمنة والأوضاع الاجتماعية والعادات والتقاليد، ويخضعها بعضهم إلى المؤثرات الاقتصادية أو السياسية أو غيرهما.
وهكذا اضطربت مفاهيم الناس لحدود الخير والشر.
نظرة الإسلام:
أما الإسلام فإن له نظرته الخاصة الفاذة العامة الشاملة، فهو يشرق على العالم بتحديد رائع للخير والشر، ذي مستويين:
١- مستوى قريب يفهمه كل إنسان مهما ضعفت مداركه وقل تتبعه وبحثه.
٢- ومستوى رفيع يرتقي إليه ذوو الأفهام الرفيعة، وأصحاب الهمم الغالية في التتبع، والبحث العلمي.
المستوى القريب:
أما المستوى القريب الذي يفهمه كل إنسان ويريح به نفسه من عناء التأمل والبحث، فهو المفهوم الذي سبق أن عرفنا به "الخير والشر" وفق الوجه الثالث من وجوه استعمال هذين اللفظين؛ ونعيد ذلك فيما يلي مع بعض توضحيات: