للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على مقادير استطاعاتهم, ويتداركون ما كان ينقصهم في سالف أميتهم من شروط العلم، فأسرعوا إلى زيادة أعداء الذين يتقنون صنعة الكتابة والقراءة فيهم، عملًا بما جاء في الإرشاد القرآني الذي اشتملت عليه أولى سور القرآن نزولًا، وهي سورة "العلق: ٩٦ مصحف/ ١ نزول" وهو قول الله فيها:

{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} .

واستجابة للتوجيه النبوي، إذ جعل يدفع أبناء المسلمين إلى تعلم القراءة والكتابة، ضمن الوسائل التي كانت متيسرة حينئذ للمسلمين.

وكثر في أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم حفاظ القرآن كله أو بعضه.

ذكر القرطبي: أنه قد قتل منهم يوم بئر معونة سبعون رجلًا، وقتل منهم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم مثل هذا العدد.

على أن الشغف بالقرآن الكريم قد كان صفة مشتركة لدى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استمر بعدهم في المسلمين. الأمر الذي حفظ الله به كتابه، تحقيقًا لوعده الذي أبانه في سورة "الحجر: ١٥ مصحف/ ٥٤ نزول" بقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} .

وحسب المسلمين أن يكون هذا القرآن المجيد قاعدتهم العلمية، ودستورهم الحضاري، ومنطلقهم إلى كل معرفة إنسانية، وبناء حضاري.

وشغف المسلمين بالقرآن المجيد قد رافقه تعلق شديد منهم بأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وبياناته وتطبيقاته العملية، ورغبة عامة في تحصيل كل معرفة إنسانية كان للعرب نصيب منها، كالشعر العربي، وأمثال الحكمة والأدب، وكلام فصحاء العرب وبلغائهم، والأنساب وأخبار الأولين، وما كانوا يعرفونه من علم النجوم، وما كانوا يعرفونه من أدوية نباتية وغيرها، للأمراض التي كانت معروفة لديهم في جزيرة العرب يومئذ، ونحو ذلك من معارف أخرى توصل إليها العرب بأنفسهم، أو وفدت إليهم من معارف الأمم المجاورة لهم.

<<  <   >  >>