واكتسب علماء المسلمين قدرة عظيمة جدًّا على ضبط أنواع السلوك وتنظيمه، واستخراج الأحكام القائمة على الحق والعدل ومصالح الناس، مع ابتغاء رضوان الله، من خلال مصادر التشريع الإسلامي.
أما الأحكام التي توصلوا إليها فقد كان بعضها من الأحكام القطعية التي دلت عليها المصادر، وهذه يندر الخلاف فيها عند الفقهاء، وكان الكثير منها اجتهادًا يعتمد على الترجيح بالدليل لرأي من الآراء الاجتهادية على ما يخالفه من الأراء، وهنا نلاحظ ظاهرة اختلاف الفقهاء في كثير من الأحكام الاجتهادية.
على أن ما توصلوا إليه في اختلافهم يعتبر ثورة علمية عظيمة صالحة للاستمداد منها، وظاهرة حضارية انفردوا بها، ولم تسبقهم إلى مثلها أمة من الأمم.
ثانيًا: تأسيس علم "أصول الفقه" وهذا العلم هو من مبتكرات الأمة الإسلامية، وهو علم يشتمل على القواعد الضابطة لاستنباط أحكام الشريعة من أدلتها التفصيلية.
ثالثًا: تأسيس علم "الأخلاق والآداب" الإسلامية، فهمًا أو استنباطًا من مصادر التشريع الإسلامي.
رابعًا: تدوين السيرة النبوية، وسير الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين، لما في هذه السير من خدمة للكتاب والسنة وما يستنبط منهما.
خامسًا: تدوين التاريخ الإسلامي والإنساني تأسيًا بقصص القرآن والسنة.
سادسًا: ضبط وتدوين الروايات الصحيحة الثابتة للقرآن الكريم في ألفاظه وتلاوته وأدائه، فيما يعرف بعلم "القراءات".
سابعًا: وابتكرت فروع علوم كثيرة انطلاقًا من هذه الحقيقة الثالثة، ولا تزال هذه الحقيقة منبعًا ثرًّا لإضافة مبتكرات من العلوم في النفس والتربية والاجتماع البشري، والظاهرات الكونية، وكلما جد في البحوث الإنسانية جديد.