للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلامية" وهذه التسميات المتأخرة أكثر مطابقة لمسائل هذا العلم.

واقترن بتأسيس هذا العلم اصطفاء أهم الحقائق العقلية والفلسفية التي تخدم مسائله، من الفلسفة التي أسستها أمم سابقة للأمة الإسلامية، وأبرزهم الإغريق، لكن كان للراشدين من المسلمين ميزة اصطفاء وتحرير وتنقيح وإضافة، واستبعاد ونقد لكل ما لا تثبته الأدلة والبراهين العقلية الصحيحة.

واقترن بتأسيس هذا العلم ابتكار علم آداب الجدل، فيما يعرف بعلم "آداب البحث والمناظرة".

الحقيقة الثالثة: أن القرآن والسنة مشتملان على أصول الشريعة التي جاء بها الإسلام، الشاملة للعبادات والمعاملات والأخلاق، وسائر أنواع السلوك الفردي والجماعي الديني والدنيوي.

وإيمان المسلمين الصادقين بهذه الحقيقة، دفع علماءهم وفقهاءهم إلى استنباط أحكام الشريعة الإسلامية ووصاياها في مختلف أنواع السلوك الإنساني، فنجم عن ذلك ما يلي:

أولًا: تأسيس "الفقه الإسلامي" وهو علم يشتمل على الأحكام الشرعية العملية، المستمدة من أدلتها التفصيلية في الكتاب والسنة، والأدلة التي هديا إلى الاعتماد عليها.

وظهرت المذاهب الفقهية المتعددة، ودونت فيها المدونات العظيمة والكثيرة جدًّا، واستنبط الفقهاء المسلمون الأحكام الكثيرة لمختلف أنواع السلوك الإنساني في العبادات والمعاملات والعلاقات والأحوال الشخصية والاجتماعية، المادية والمعنوية، والسياسية الداخلية والدولية، ولم يفتهم من ذلك إلا ما لم يكن قد استجد بعد في حياة الناس.

وملأت كتب الفقه المشتملة على الأحكام التي استنبطها الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، خزائن تشهد بعظمة الثروة الفقهية التي توصل إليها علماء المسلمين، باجتهادهم الخاص الذي لم تسبقهم إليه ولا إلى مثله أمة من الأمم.

<<  <   >  >>