٧- ثعلب، وهو أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد، المعروف بثعلب "٢٠٠-٢٩١هـ" إمام الكوفيين في النحو واللغة في زمانه، له مصنفات كثيرة، كان ثقة أمينًا، وكان أعلم بالنحو من ابن السكيت.
ويلاحظ أنه لم يستهل النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، حتى كان علم اللغة العربية "نحوها وصرفها" قد أخذ طوره الأخير من النضج، ثم لم يبق لمن جاء بعد علماء القرن الثالث إلا التحسين والتريب وحسن التصنيف، والتعليلات المنطقية المتأثرة بالمنطق والفلسفة، وتطبيقات عملية، وترجيحات بين الأقوال.
وانطلق علماء اللغة العربية يصنفون المصنفات الكثيرات في هذا الميدان، منها المطولات، ومنها المختصرات، ومنها الشروح والحواشي والتعليقات والتقريرات، وشروح الشواهد، ثم ظهرت المؤلفات المبسطة التي ذللت سبيل المعرفة لطلاب هذا العلم.
وكان تأسيس علم اللغة العربية "نحوها وصرفها" عملًا حضاريًّا رائعًا مجيدًا، انفرد به المسلمون، وكان عملهم فيه معتمدًا على الاستقراء، والتعليل، وقياس الأشباه والنظائر بعضها على بعض، أخذًا من واقع لسان الأمة العربية القحة، التي لم تخالطها العجمة.
أما الاستقراء: فقد كان بجمع الجزئيات المختلفة، والنظر فيها لاستخلاص القواعد الكلية منها، وقد اعتمد علماء اللغة العربية فيه على السماع مباشرة من العرب الأصلاء في مختلف مجتمعاتهم، ثم على أقوال العرب الذين يُحتج بهم في اللغة من الذين سبقوا المدة التي تم بها الاستقراء، ومن الذين عاصروها، وتشمل هذه الأقوال الشعر والنثر والحكمة والأمثال السائرة والقصص والنوادر.
وكانت عملية الاستقراء التي سلكوها كافية لاستنباط القواعد والضوابط اللسانية التي تهيمن على هذه اللغة بوجه عام، ولو لم يكن استقراء شاملًا لكل الجزئيات.