يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر ٧٢٩-٨١٧هـ" من أئمة اللغة والأدب، ولد بكارزين من أعمال شيراز، وانتقل إلى العراق، وجال في بلاد كثيرة ثم رحل إلى "زبيد" سنة "٧٩٦هـ" وولي قضاءها، حتى كان مرجع عصره في اللغة والحديث والتفسير، له مصنفات كثيرة.
ومن أشهر مصنفاته في اللغة معجمه المعروب بـ"القاموس المحيط" وقد اعتنى به المؤلفون فيما بعد عناية فائقة، لم يحظ بمثلها غيره من المصنفات في اللغة، فمن شارح له، ومن متتبع ناقد، ومن متمم لما فاته، إلى غير ذلك.
ويذكر الفيروزآبادي في مقدمة قاموسه المحيط، أنه قد صنف قبله كتابًا في اللغة كبيرًا جاء في ستين مجلدًا، سماه "اللامع المعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب" أي: الجامع بين "المحكم" لابن سيده، "والعباب" للصاغاني، ثم اختصره في كتابه: "القاموس المحيط" فلخص كل ثلاثين سفرًا في سفر؛ إذ حذف الشواهد، وطرح الزوائد.
ومن أشهر شروح "القاموس المحيط" كتاب "تاج العروس من جواهر القاموس" وهو عشرة مجلدات، ومؤلفه "مرتضى الزبيدي، وهو أبو الفيض محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسني الزبيدي ١١٤٥-١٢٠٥هـ" علامة باللغة والحديث والرجال والأنساب، ومن كبار المصنفين.
أصله من واسط في العراق، ومولده بالهند، ومنشأه في زبيد باليمن، له مؤلفات ومصنفات كثيرة.
وبعد هذا البيان الموجز أقول: إن ما قدمه المسلمون من عمل حضاري في ميدان اللغة العربية، مما يعسر إحصاؤه، يدل الباحث المنصف على مبلغ الجهد الحضاري الرفيع الذي أحرزه المسلمون في هذا الميدان، والذي خدموا به اللغة العربية صيانة للقرآن المجيد، وسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ليقدموا الإسلام للعالمين صافيًا نقيًّا مصونًا من التحريف والتغيير في مفهومات نصوصه المصادر.
وبكثير من الألم الممض، والحسرة على كنوزنا الحضارية، نذكر ما جنته أيدي الغزاة التتار، في منتصف القرن السابع الهجري، حين هجمت قبائلهم