الهمجية على بلاد المسلمين، وعواصم حضارتهم العلمية والعملية، فأخذت تقوض منجزاتهم الحضارية، وتخرق وتغرق وتتلف نفائس كتب العلم والمعرفة التي ألفوها، وكدح أفذاذ منهم في تصنيفها عبر ستة قرون.
٨- تأسيس علوم البلاغة "المعاني والبيان والبديع":
خدمة للقرآن كتاب الله المجيد، وحرصًا على إبراز بعض جوانب إعجازه البياني، اجتهد علماء المسلمين بحثًا، وتنقيبًا، واستخراجًا، حتى وضعوا علوم البلاغة الثلاثة:"المعاني، والبيان، والبديع".
وما يزال الباحثون يبحثون ويستخرجون، ويكتشفون من عناصر إعجاز القرآن البياني ما لم يكتشفه السابقون.
على أن كتاب الله عز وجل أوسع من أن يحصى كل عناصر إعجازه البياني الباحثون والمستخرجون والمكتشفون، مهما اجتهدوا ونقبوا؛ لأن كثيرًا من عناصر الجمال تدرك بالحسن الجمالي، ولا يستطاع تحديدها والتعبير عنها، ولا اكتشاف عناصرها.
وسيظهر في كل عصر من جوانب إعجاز القرآن البياني روائع ما توصل السابقون إلى اكتشافها واستخراجها، فهو كتاب لا تفنى عجائبه، ولا يخلق على كثرة الرد، كما جاء وصفه في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.
وكان المهتمون باستخراج مسائل علم المعاني أئمة علماء النحو والأدب، وهذه المسائل منثورة في كتب النحو وكتب الأدب الكثيرة.
وذكر علماء البلاغة أن أول من دون مسائل علم البيان أبو عبيدة "معمر بن المثنى" التيمي بالولاء، من أهل البصرة، كان من أئمة العلم بالأدب واللغة، ولادته ووفاته "١١٠-٢٠٩هـ". وظهر هذا في كتابه "مجاز القرآن".