الناس في معاملاتهم، وإدراك الحقوق والمصالح الإنسانية، واستنباط الأحكام الشرعية الملائمة لها. ولما درسوا أحكام فقه المعاملات ودرسوا علم أصول الفقه الإسلامي، وعرفوا من الإسلام مناهج التقنين، واكتسبوا ملكة وضع القوانين، رجعوا إلى بلادهم يضعون بآرائهم قواعد الحقوق، وأصول التقنين، ملاحظين المصالح التي يهمهم ملاحظتها لدى وضع المواد القانونية، ثم أخذوا بالاستناد إلى ذلك يضعون القوانين المدنية.
وقد مر الفقه الإسلامي في عدة مراحل، أذكر منها فيما يلي بإيجاز:"الفقه في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، الفقه في عصر الصحابة، الفقه في عصر التابعين، الفقه في عصر تابعي التابعين وتكون المذاهب الفقهية".
٢- الفقه الإسلامي في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم:
١- كان الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته هو المرجع الأول للفتاوى في أحكام الفقه الإسلامي، وكان يعتمد فيما يفتي فيه على ما يوحى إليه، وعلى ما يفهمه من كتاب الله عز وجل، وكل ما أذن الله له به من تشريع، أو اجتهاد يجتهده، فإذا كان اجتهاده مطابقًا لما هو الأكمل والأحسن في علم الله أقره الله عز وجل عليه، ولم يتابعه فيه معدلًا ولا معاتبًا، وإن كان اجتهاده في القضية دون ذلك أرشده الله إلى ما هو الأهدى والأقوم والأكثر صوابًا، وربما عاتبه؛ إذ لم يأخذ بما هو الأكمل والأحسن.
٢- وأقر الرسول صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه على بعض ما فهموا من كتاب الله من أحكام، وهذا يتضمن الإذن للمؤهلين منهم بفهم الأحكام من القرآن واستنباطها، والإذن لهم باستنباط الأحكام من أقوال الرسول التي حفظوها منه، مع العمل بما جاء فيها صريحًا واضحًا لا يحتاج إلى استخراج واستنباط.
وأذن الرسول للمؤهلين من أصحابه بأن يجتهدوا لاستنباط الأحكام الشرعية برأيهم، قياسًا على الأشباه والنظائر، أو استبصارًا بمقاصد الشريعة وأحكامها، كلما اضطرهم الأمر إلى الاجتهاد؛ إذ يكونون بعيدين عنه، ولا يستطيعون التريث لمعرفة الحكم منه مباشرة.