ويرحلون من القيروان إلى مصر والمدينة المنورة ودمشق وبغداد.
فكان طالب العلم إذا اجتاز المراحل التعليمية الموجودة في القيروان شد الرحال إلى المشرق، ليؤدي مناسك الحج في مكة، ويزور مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وليطلب العلم عند أهله. وكان ينتقل من مدينة تقصد لمن فيها من العلماء إلى مدينة أخرى متأنيًا في أسفاره بغية الاستزادة من العلم، وكلما سمع بأستاذ مشهور بعلم من العلوم، زاره وحضر حلقته، وأخذ عنه علمًا، وقد يطلب منه إجازة بما تلقاه عنه.
نظرات فيها شيء من التفصيل عن الحركة العلمية في عموم المغرب:
أولًا: في تونس
١- منذ القرن الأول الهجري كانت "تونس" من المراكز المهمة في بلدان العالم الإسلامي للعلم والتعليم، وكانت مدينة "القيروان" التي أسسها "عقبة بن نافع" في تونس، وجامعه الكبير فيها منتجعًا لطلاب العلم، ومحط أنظار العلماء والأدباء والشعراء.
وكان طلاب العلم من أهل الأندلس يفدون إليه لينهلوا من مناهل العلم فيه.
وتكاثرت الرحلات العلمية من الأندلس إلى تونس في عهد الحفصيين، وكانت كلما سقطت مدينة من مدائن المسلمين في الأندلس بيد الإسبان هاجر أهلها المسلمون إلى تونس، حتى صار البلاط الحفصي بلاطًا أندلسيًّا بطرق معاشه، وموظفيه وجنده وضباطه وشعرائه، وصار معظم القائمين بالتعليم في "القيروان" من أهل الأندلس المهاجرين.
١٢- ثم انتقل التعليم العالي في تونس من جامع القيروان بمدينة "القيروان" إلى "جامع الزيتونة" بتونس، وأعيد نظامه، واتجهت الأنظار لجلب الشيوخ والأساتذة والمعلمين من ليبيا أو الأندلس إليه.