ولما استخدم رواد الحضارة الغربية اللاحقة، هذا المنهج التجريبي الذي أخذوه عن المسلمين، استطاعوا أن ينشئوا الحضارة المادية التي تشاهد في عصرنا آثارها ومنجزاتها المدهشة، والتي بها استطاع الإنسان الانتفاع من كثير من طاقات الكون الكامنة، التي سخرها الله له، بشرط أن يتوصل إلى إدراك ومعرفة مفاتيحها، ووسائلها، وأسبابها، وطرق الانتفاع منها، وقد كانت هذه الطاقات الهائلات من الأسرار الخفية وراء الظواهر الكونية المشهودة.
وبهذه الطاقات العظيمات التي استطاع الإنسان أن ينتفع بها ومنها، ويسخرها لمطالبه في الكون والحياة، ركب المراكب العظيمة في البر والبحر والجو، ووصل إلى القمر فالمريخ، وعرف الذرة وخصائصها، وأطلق طاقاتها مع التحكم بتوجيهها، وعرف الإلكترونات وحركاتها وتأثيراتها، وكيفية الانتفاع منها وبها، وعرف خصائص كثير من الأشعة الكونية التي كانت في عالم الغيب بالنسبة إلى الناس، إلى غير ذلك من مكتشفات مذهلات.