للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحفروا أنفاق البحث، لاستخراجها حلقة فحلقة، بلا نهاية منظورة، وأن يكونوا دوامًا في ارتقاء حضاري، وأن يكونوا السابقين إلى كل فضيلة ومكرمة وعلم، وإلى امتلاك كل قوة يمكن أن يمتلكها الناس بتسخير الله ما في الكون لهم.

٢- وحين انطلق المسلمون يبنون حضارتهم في البلدان التي ملكوا نواصي السلطان فيها شرقًا وغربًا، كانت شعوب أوروبة، والشعوب العربية كافة، في جهل مطبق وأمية منتشرة في كل طبقاتهم، وتخلف حضاري بعيد، في الفكر، وفي السلوك الفردي والاجتماعي، وفي مختلف مجالات العلوم.

٣- وبينما كان كثير من علماء الدين الإسلامي يتوجهون باهتمام بالغ لدراسة العلوم الرياضية والعقلية والطبيعية، ويبحثون في الظواهر الكونية عن العلل والأسباب، وينقبون في كل موقع مادي أو معنوي يصلح للتنقيب فيه، بغية اكتشاف سنن الله وقوانيه في كونه، واستخراج الكنوز التي أودعها في خباياه، كان قادة الكنيسة ورجالها في أرجاء الأرض يعادون ويحاربون كل من يأتي بنظرية أو حقيقة علمية تخالف تعليماتهم التقليدية، ولو كانت خرافية، وربما كان جزاؤه الحرق بالنار لهرطقته ومخالفته في أفكاره التي جاء بها تعليماتهم.

مع أن تعليماتهم هي من أوضاعهم أو من الأساطير التي نقلوها عن أهل القرون الأولى، وليست من دين الله الذي أنزله الله على عيسى أو موسى أو إبراهيم أو أي رسول أو نبي يؤمن به اليهود أو النصارى من الصادقين.

٤- ولما كان المسلمون يتوضئون لصلواتهم، ويغتسلون اغتسالات واجبات، واغتسالات مندوبات، ويستنجون أو يستجمرون، ويتحرزون من النجاسات والقذارات، ويسرعون إلى إزالتها عن أجسادهم وثيابهم وأماكنهم وأدواتهم إذا وقعت عليها أو لامستها، كانت الشعوب الأوروبية، والشعوب الغربية عامة، لا تعرف شيئًا عن الطهارة وإزالة النجاسات من الأبدان والثياب والأمكنة والأدوات، ولا تعرف الاستنجاء بالماء حتى رأوا المسلمين يفعلون ذلك، واستمروا في الغالب على عاداتهم السابقات حتى اكتشف علماؤهم الجراثيم والميكروبات، ورأوا أن النجاسات والقذارات هي أعظم البؤر الحاملة لها، وأنها تسبب الأمراض والأوجاع والأوبئة الخطيرة.

<<  <   >  >>