ويتحدث "محمد بن إسحاق" عن مجهوده في هذا السبيل، باعتباره مندوبًا عربيًّا في البلاط البيزنطي، فيقول:
"لقد رجوت الحاكم أن يفتح لي هذا المعبد، ولكنه ماطل في ذلك؛ لأن أبواب هذا المعبد لم تفتح منذ انتحلوا المسيحية، ولكنني لم أكف عن إغرائه، فعاودته في مناسبات عدة، وطلبت إليه ذلك كتابة ومشافهة في جلسة من جلسات بلاطه التي اشتركت فيها.
وأخيرًا وافق على فتحه، فرأيت في هذا المبنى المشيد بأحجار المرمر الفاخرة، رأيت على حوائطه من الكتابات والرسوم ما لم أر أفخم ولا أجمل منه، ومن المخطوطات القديمة شاهدت هناك ما يحمل جمالًا، إنها تقارب الألف كتاب، وكان جزء منها ممزقًا، وكان الجزء الآخر نصيبًا للديدان".
إن ما قام به العرب "أي: المسلمون" لهو عمل إنقاذي له مغزاه في تاريخ العالم.
إنها حضارة قد هوت وتحطمت، وكانت على وشك الفناء أمام أعين صانعيها الذين صار لهم هدف آخر يسعون إليه، وهذا الهدف لا يمت لهذا العالم بصلة.
فما بقي من هذه الحضارة يجب أن تشكر عليه البشرية اليوم العرب "أي: المسلمين" وحبهم للعلم، ولا يعود لبيزنطية فيه إلا فضل قليل". ا. هـ. شمس العرب " ص٣٧٥-٣٧٧".