للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومجتمع من هذا النوع لا بد أن يقدم للناس نموذجًا فريدًا من الهمجية، والتخلف الحضاري، وهذا ما يقاومه الإسلام أشد مقاومة؛ لأنه لا يرضى للناس إلا أمثلة الرقي والتقدم الحضاريين في كل ميدان من ميادين الحياة.

طريق القدوة الحسنة:

ولما كانت القدورة الحسنة طريقًا من طرق اكتساب أنواع الفضائل والكمالات السلوكية في الواقع الإنساني، كان من شأن الإسلام أن يتخذها وسيلة من وسائله، لترقية المجتمعات المسلمة في سلم الكمال السلوكي.

والقدوة الحسنة هي المثال الحي للسلوك الأمثل في الحياة.

ولقد جعل الله للناس رسوله محمدًا صلوات الله عليه خير قدوة يقتدي بها الأفراد العاديون والأفراد الطامحون لبلوغ الكمال الإنساني في السلوك، وجعل الذين آمنوا معه وصدقوا وأخلصوا واستقاموا أمثلة رائعة يُقتدى بها في كل عمل كريم من أعمال الخير والبر والجهاد والبذل والتضحية والفداء والتواد والتراحم والتحابب والإخاء والانتظام في الأعمال الجماعية والتسابق في الخيرات، وهكذا إلى آخر جدول الفضائل السلوكية في الحياة.

ولئن انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه فإن سيرته التي تحتوي على جزئيات سلوكه ماثلة لنا، فيما أثر عنه صلوات الله عليه، من قول أو فعل أو صفة أو إقرار.

وفيما بلغنا من تراجم أصحابه رضوان الله عليهم ما يكفي لتجسد القدوة الحسنة للمجتمع المسلم، ثم إن كل عصر بعدهم لا يخلو من وجود طائقة من أمة محمد -قلت هذه الطائفة أم كثرت- تصلح لأن تكون قدوة حسنة في عصرها، فقد بشر رسول الله صلوات الله عليه بذلك في قوله:

$"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله".

ولقد أرشد القرآن الكريم إلى أهمية القدوة الحسنة، لما لها من أثر في تقويم السلوك ونبهنا عليها، وعرض علينا كثيرًا من أمثلة التربية الربانية للنبي صلى الله عليه وسلم

<<  <   >  >>