ففي هذا النص إرشاد من الله للرسول والمؤمنين أن يتخذوا إبراهيم والذين آمنوا معه أسوة لهم في التبرؤ ممن كفر بالله، وفي معاداة من حاد الله، وإعلان بغضهم في الله حتى يؤمنوا، واستثنى الله من هذه الأسوة تعهد إبراهيم لأبيه الكافر بأن يستغفر له، فلم يأذن الله بمثل ذلك.
أسباب تأثير القدوة:
وإنما كان للقدوة الحسنة أثرها الفعال في تقويم السلوك للأسباب التالية:
السبب الأول: أن في فطرة الإنسان ميلًا قويًّا للمحاكاة والتقليد، الأمر الذي يسهل عليه عملية تعلم الأعمال الراقية، التي لم تصل إلى معرفتها الأجيال السابقة إلا بعد تطوير كثير، اعتمد على الاختبار والتجربة والتحسين واختيار الأفضل.
السبب الثاني: أن المثال الحي الذي يتحلى بجملة من الفضائل السلوكية يعطي غيره قناعة بأن بلوغها من الأمور التي هي في متناول القدرات الإنسانية، فمما نشهده في مجال التربية أن كثيرًا من الناس يرون بعض الأمور مستحيلة الوقوع؛ لأنهم لم يعالجوا قدراتهم للقيام بها، فإذا شاهدوا غيرهم يفعلها أخذوا يطوعون قذراتهم حتى يكسبوها المهارات المطلوبة لذلك العمل، بالمعالجة والمحاكاة والتدريب.
السبب الثالث: إن المثال الحي المرتقي في درجات الكمال السلوكي يثير في الأنفس الاستحسان والإعجاب، ومع هذين الأمرين تتهيج دوافع الغيرة فيها، وعند ذلك يحاول الإنسان الخير تقليد ما استحسنه وأعجب به، بما يتولد لديه من حوافز قوية تحفزه لأن يعمل مثله، حتى يحتل درجة المجد التي سبقه إليها.
رابعًا: الكمال الإبداعي
لقد أودع الله في الإنسان قدرات يستطيع بها عن طريق التأمل الفكري