عالية، فتعطي قيمة العمل الإنساني، من الخير والشر، بما تعطيه له من حكم شرعي.
خاتمة:
ليس غريبًا أن تكون نظرة الإسلام عامة شاملة لكل ما في الوجود الإنساني وغيره، وعامة شاملة لكل الاحتمالات الممكنة في مجال العمل الإرادي للإنسان، مع تقدير قيمة كل منها بميزان محكم، الأمر الذي نتج عنه تحديد شامل ودقيق لمعنى كل من الخير والشر، تحديدًا كليًّا، وتحديدًا تفصيليًّا يتناول كل جزئية من جزئيات العمل الإرادي للإنسان.
ليس غريبًا أن تكون نظرة الإسلام بهذا الشكل الرائع من الشمول، فالإسلام تنزيل من لدن خالق عليم حكيم، قال الله تعالى في سورة "الملك: ٦٧ مصحف/ ٧٧ نزول":
والعالم بمن خلق، وبما خلق فيه، وبما خلق له، وبما أحاطه من أشياء أعلم بما يصلحه وما يفسده، وبما ينفعه وما يضره، وبما يمتعه وما يؤلمه، وبما هو خير له من كل ذلك، وبما هو له شر؛ لأن علمه سبحانه محيط بكل شيء، ولن ترقى المدارك الإنسانية إلى هذا المقدار من الشمول، في الزمان والمكان والأشخاص، فحري بالإنسان أن يقف موقف الاستسلام لحدود الخير والشر التي حدها الله له، ولا يمنعه ذلك من أن يتابع بحثه وتأملاته في دقائق الأمور الفلسفية التي قامت عليها الأحكام الإسلامية، وفي أسرار الحكم الربانية التي تضمنتها هذه الأحكام، فالتسليم ميزة القلب المؤمن، والبحث العلمي ميزة العقل المفكر.
وهكذا تتربع الفلسفة الإسلامية على ذروة المجد العظيم، ومع ذلك يقف أعداؤها في المنحدرات، فيقذفونها بالحصى والصخور التي لا تلبث أن تريد على رءوسهم، ثم يظلون هم وقذائفهم في المنحدرات، ويظل الإسلام في قمة المجد.