فالحكمة من تمييز أصناف الناس بمتع من زهرة الحياة الدنيا إنما هي الفتنة فيها، والفتنة هنا هي الامتحان المقترن بما يغري بالبطر والاستكبار والطغيان.
ولدى التبصر الدقيق نلاحظ أن كل نوع من أنواع الامتحان المختلفة أو المتباينة يؤدي الغاية ذاتها التي يهدف إليها الامتحان المشمول بالعدل الإلهي، والملاحظ فيه استعدادات الفرد التي وهبه الله إياها، مادية كانت أم معنوية، وذلك كله ضمن معادلات رياضية دقيقة، لا تستطيع القدرات الإنسانية -مهما بلغت- متابعة حسابها، وذلك لأن المحاسبة الربانية لا تهمل أي جانب من جوانب الإنسان التي تتأثر بإرادته، سواء كانت فكرية، أم نفسية، أم سلوكية.
ونستطيع أن نقرب ذلك إلى الفهم بملاحظة الأمثلة التالية:
أ- فيمكن أن نقول: إن امتحان درجة الصبر بالفقر أو المرض أو فقد الحبيب بنسبة توافق الاستعداد الفطري الموهوب لإنسان موضوع تحت الامتحان الرباني يساوي امتحان درجة الشكر بالغني أو الصحة أوالسرور بلقاء الأحبة، بنسبة توافق الاستعداد الفطري الموهوب لإنسان آخر موضوع تحت الامتحان الرباني.
وإذا كان من واجب الإنسان أن يعترف بأن الله أكرمه إذا فتح عليه أبواب الرزق والنعمة، فإن عليه أيضًا أن يراقب مع ذلك أن الله تعالى قد أكرمه بها في الدنيا لابتلائه، واختبار شكره، وحسن علمه.