للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شرح الكلمات:

آمنوا: أي بالله ورسوله ووعد الله ووعيده.

الذين يلونكم: أي يلون بلادكم وحدودها.

من الكفار: من: بيانية، أي الكافرين.

وليجدوا فيكم غلظة: أي قوة بأس وشدة مراس ليرهبوكم وينهزموا أمامكم.

مع المتقين: أي بنصره وتأييده والمتقون هم الذين اتقوا الشرك والمعاصي والخروج عن السنن الإلهية في النصر والهزيمة.

معنى الآية الكريمة:

لما طهرت الجزيرة من الشرك وأصبحت دار إسلام وهذا في أخريات حياة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذلك بعد غزوة تبوك أمر الله تعالى المؤمنين بأن يواصلوا الجهاد في سبيله بعد وفاة نبيه وأرشدهم إلى الطريقة التي يجب أن يتبعوها في ذلك وهي: أن يبدأوا بدعوة وقتال أقرب كافر منهم والمراد به الكافر المتاخم لحدودهم كالأردن أو الشام أو العراق مثلاً فيعسكروا على مقربة منهم ويدعونهم إلى خصلة من ثلاث: الدخول في دين الله الإسلام أو قبول حماية المسلمين لهم بدخولهم البلاد وضرب الجزية على القادرين منهم مقابل حمايتهم وتعليمهم وحكمهم بالعدل والرحمة الإسلامية أو القتال حتى يحكم الله بيننا وبينكم فإذا ضمت أرض هذا العدو إلى بلادهم وأصبحت لهم حدود أخرى فعلوا كما فعلوا أولاً وهكذا حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، فتسعد البشرية في دنياها وآخرتها. وأمرهم أن يعلموا أن الله ما كلفهم بالجهاد إلا وهو معهم وناصرهم ولكن على شرط أن يتقوه في أمره ونهيه فهذا ما دلت عليه الآية الكريمة {يا أيها الذين آمنوا١ قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة} ٢ أي قوة بأس وشدة مراس في الحرب {واعلموا٣ أن الله مع المتقين} أي بنصره وتأييده.


١ توجيه الخطاب للذين آمنوا دون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه إيماء إلى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يغزو لله بعد ذلك وأن أجله الشريف قد اقترب، وفعلا فإنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما غزا بعد تبوك وإنما حجّ حجة الوداع وبعدها بواحد وثمانين يوماً استأثر الله تعالى بروحه الطاهرة الشريفة.
٢ {غلظة} مثلثة الغين غُلظة الكسر لغة الحجاز، والضم لغة بني تميم، والمراد الجرأة على القتال والصبر عليه مع العنف. والشدة في القتل والقصد من هذا إلقاء الرعب في قلوب الكافرين حتى يخشوا قتال المسلين.
٣ افتتاح الجملة بـ اعلموا: للاهتمام بما يراد العلم به، وفي الجملة تسلية للمؤمنين بعد فقد نبيهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن الله معهم بالنصر والتأييد فاتقوه بلزوم طاعته وطاعة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أمرهما ونهيهما في السلم والحرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>