للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شرح الكلمات:

تلك القرى: الإشارة إلى قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب.

من أنبائها: أي من أخبارها.

بالبينات: بالحجج والبراهين الدالة عل توحيد الله وصدق رسله.

من قبل: أي من قبل خلقهم ووجودهم، إذ علم الله تعالى تكذيبهم عليهم في كتاب المقادير.

وما وجدنا لأكثرهم من عهد: أي لم نجد لأكثرهم وفاء بعهودهم التي أخذت عليهم يوم أخذ الميثاق.

معنى الآيتين:

يخاطب الرب تعالى١ رسوله محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائلاً {تلك القرى نقص عليك من أنبائها} أي من أخبارها مع أنبيائها كيف دعتهم رسلهم إلى الإيمان والتوحيد والطاعة، وكيف ردت تلك الأمم دعوة الله واستكبرت على عبادته، وكيف كان حكمنا فيهم لعل قومك يذكرون فيؤمنوا ويوحدوا. وقوله تعالى {ولقد جاءتهم رسلهم بالبنيات} أي بالحجج الواضحات على صدق دعوتهم، وما جاءتهم به رسلهم من أمر ونهي من ربهم. وقوله {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من٢ قبل} أي لم يكن أولئك الهالكون من أهل القرى ليؤمنوا بما كذبوا به في علم الله وقدره إذ علم الله أنهم لا يؤمنون فكتب ذلك عليهم فلذا هم لا يؤمنون. وقوله تعالى: {كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين} أي كما كتب على الهالكين من أهل القرى أنهم لا يؤمنون ولم يؤمنوا فعلاً فأهلكهم، يطبع كذلك على قلوب الكافرين فلا يؤمنون حتى يأخذهم العذاب وهم ظالمون بكفرهم. وهذا الحكم الإلهي قائم على مبدأ أن الله علم من كل إنسان قبل خلقه ما يرغب فيه وما يؤثره على غيره ويعمله باختياره وإرادته فكتب ذلك عليه فهو عند خروجه


١ سرّ هذا الخطاب زيادة على التعليم لكمال الهداية فإنه تسلية للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يلاقى من صلف المشركين وعنادهم وجحودهم، وهو تسلية لكل مؤمن ومؤمنة يعاني من صلف المشركين وأذاهم.
٢ اختلف في المضاف إليه المحذوف في قوله: {بما كذبوا من قبل} هل المراد: من قبل خروجهم للحياة الدنيا وهم في عالم الأرواح حيث أمروا بالإيمان فكذبَّوا فكتب الله عليهم ذلك فلن يكون إلا هو أو لو أحييناهم بعد إهلاكهم بذنوبهم لمّا آمنوا بما كذّبوا به فكان سبب هلاكهم، أو سألوا المعجزات ليؤمنوا فلمّا رأوها لم يؤمنوا بما كذّبوا من قبل رؤيتهم المعجزات، والراجح من هذه المقولات ما هو في التفسير إذ هو قول ابن جرير إمام المفسرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>