للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بغيا وعدوا ١: أي بغيا على موسى وهرون واعتداء عليهما.

الآن: أي أفي هذا الوقت تقر بالوحدانية وتعترف له بالذلة؟!.

ببدنك: أي بجسدك لا روح فيه.

آية: علامة على أنك عبد وليس برب فيعتبروا بذلك.

معنى الآيات:

ما زال السياق في قصة موسى وهرون مع فرعون وبني إسرائيل قال تعالى: {وجاوزنا٢ ببني إسرائيل البحر} وذلك بداية استجابة الله تعالى دعوة موسى وهرون ومعنى {جاوزنا} أي قطعنا بهم البحر حتى تجاوزوه، وذلك بأن أمر موسى أن يضرب بعصاه البحر فضرب فانفلق البحر فكان كل فرق كالطود العظيم ويَبِسَت الأرض ودخل موسى مع بني إسرائيل يتقدمهم جبريل عليه السلام على فرس حتى تجاوزوا البحر إلى الشاطىء، وجاء فرعون على فرسه ومعه ألوف٣ الجنود فتبعوا موسى٤ وبني إسرائيل فدخلوا البحر فلما توسطوه أطبق٥ الله تعالى عليهم البحر فغرقوا أجمعين إلا ما كان من فرعون فإنه لما أدركه الغرق أي لحقه ووصل الماء إلى عنقه أعلن عن توبته فقال: {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} ولكبريائه لم يقل لا إله إلا الله ولو قالها لتاب الله عليه فأنجاه بل قال: {لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} وهو يعرف أنه الله. وقوله: {وأنا من المسلمين} مبالغة في طلب النجاة من الغرق بالتوبة حيث أعلن أنه من المسلمين أي المستسلمين المنقادين لأمره. فرد الله تعالى بقوله: {آلآن} أي وقت التوبة٦ والإسلام بعد الإيمان،


١ {بغياً} منصوب على الحال. و {عدوا} معطوف عليه، وكان اتباع فرعون بني إسرائيل بغيا وعدوا لأنه ليس له شائبة حق في منعهم من الخروج من بلاده إلى بلادهم.
٢ جاوزنا وجوّزنا: بمعنى واحد.
٣ قال القرطبي: كان بنو إسرائيل ستمائة وعشرين ألفاً، وكان جيش فرعون ألفي ألف وستمائة ألف. أي مليونين ونصفاً وزيادة.
٤ تبع واتبع بمعنى واحد إذا لحقه وأدركه، وأمّا اتبع بالتشديد فإن معناه: سار خلفه.
٥ روى الترمذي وحسّنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال "لما أغرق الله فرعون قال: آمنت انه لا إله إلاّ الذي آمنت به بنو إسرائيل، قال جبريل يا محمد فلو رأيتني وأنا آخذ من وحل البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمه" وحل البحر: الطين الأسود الذي بكون في أسفله، ومعنى تدركه الرحمة: أي يقول لا اله إلا الله.
٦ لأنّ التوبة تقبل من العبد ما لم يرَ علامات الموت بمشاهدة الملائكة، وفي الحديث الصحيح: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغرغر".

<<  <  ج: ص:  >  >>