للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غير مردود: أي لا يستطيع أحد رده لأن الله تعالى قد قضى به فهو واقع لا محالة.

معنى الآيات:

مازال السياق الكريم في الحديث عن بشارة إبراهيم قال تعالى فلما ذهب عن إبراهيم الروع أي الفزع والخوف من الملائكة قبل أن يعرفهم وجاءته البشرى بالولد وبهلاك قوم لوط أخذ يجادل الملائكة في شأن هلاك قوم لوط لأجل ما بينهم من المؤمنين فقال إن فيها لوطاً فأجابوه بقولهم الذي ذكر تعالى في سورة العنكبوت {نحن أعلم بمن فيها لننجيّنه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين} وقوله تعالى {إن إبراهيم لحليم أواه منيب} ١ تعليل لمجادلة إبراهيم الملائكة في قوم لوط، وذلك أن إبراهيم رقيق القلب حليم لا يعامل بالعقوبة فأراد تأخير العذاب عنهم لعلهم يتوبون، وكان أواهاً ضارعا قانتا يكثر من قول آه إذا رأى أو سمع٢ ما يسوء ومنيباً أي توابا رجاعاً إلى ربّه في كل وقت. ولما الحّ إبراهيم في مراجعة الملائكة قالوا له يا إبراهيم أعرض عن هذا الجدال إنه قد جاء٣ أمر ربك أي بهلاك القوم. {وإنهم آتيهم عذاب غير مردود} أي غير مدفوع من أحد وهو ما سَيُذْكَرُ في السياق بعد.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

١- مشروعية الجدال عمن يُرجى له الخير من الناس، وذلك في غير الحدود الشرعية إذا رفعت إلى الحاكم.

٢- فضيلة خلق الحلم.

٣- فضل الإنابة إلى الله تعالى.

٤- قضاء الله لا يرد أي ما حكم الله به لابد واقع.


١ المنيب: الراجع يقال أناب إذا رجع وإبراهيم كان راجعاً إلى ربه في أموره كلها والأواه الكثير لقول أوّه وأواه اسم فعل. نائب مناب اتوجع.
٢ جائز أن يكون هذا وحياً أوحاه الله تعالى إلى إبراهيم وجائز أن يكون قول الملائكة، وأمر الله قضاؤه بإهلاك قوم لوط.
٣ في هذا دليل على رحمة إبراهيم القلبية فما أن يرى أو يسمع ما يضر أو يسيء إلاّ أخذ في التأوه والتحسر والتحزن، وقيل اسم إبراهيم مركب من كلمتين: أب رحيم، وظهر هذا في سلوكه ورحمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>