للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يطاق {أو تأتيهم الساعة} أي القيامة {بغتة} ١ أي فجأة {وهم لا يشعرون} بوقت مجيئها فتعظم البلية وتشتد عليهم الرزية، وكيف يأمنون وهل يوجد من يؤمنهم غير الله تعالى فما لهم إذا لا يؤمنون ولا يتقون حتى ينجوا مما يتوقع لهم؟ هذا ما دلت علمه الآية الأولى (١٠٧) أما الثانية فقد أمر الله تعالى رسوله أن يواصل دعوته دعوة الخير هو والمؤمنون معه فقال: {قل هذه سبيلي} أي قل أيها الرسول للناس هذه طريقتي في دعوتي إلى ربي بأن يؤمن به ويعبد وحده دون سواه. {أدعو إلى الله على بصيرة ٢} أي على علم يقين بمن أدعو إليه وبما أدعو به وبالنتائج المترتبة على هذه الدعوة، {أنا ومن اتبعني} من المؤمنين كلنا ندعو إلى الله على بصيرة.

وقوله تعالى: {وسبحان الله} أي وقل سبحان الله أي تنزيهاً له عن دن يكون له شريك أو ولد، وقل كذلك معلناً براءتك من الشرك والمشركين {وما أنا من المشركين} . هذا ما دلت عليه الآية الثانية. أما الآية الثالثة فإن الله تعالى يخبر رسوله بأنه ما أرسل من قبله من الرسل وهم كثر إلا رجالاً أي لا نساء ولا ملائكة {نوحي إليهم من أهل القرى٣} أي الأمصار والمدن، وهذا إبطال لإنكارهم أن يكون الرسول رجلاً من الناس، وقوله تعالى. {أفلم يسيروا} أي هؤلاء المكذبون من قريش وغيرهم {في الأرض} للاعتبار {فينظروا} ٤ كيف كان عاقبة من سبقهم من الأمم كعاد وثمود فإنا أهلكناهم ونجينا أهل الإيمان والتوحيد من بينهم مع رسلهم هذه النجاة ثمرة من ثمرات الإيمان والتقوى، {ولدار الآخرة خير٥ للذين اتقوا} فإنها دار النعيم المقيم والسلامة من الآهات والعاهات والكبر والهرم والموت والفناء.

قوله تعالى في نهاية الآية {أفلا تعقلون} ٦ يوبخ أولئك المشركين المصرين على


١ {فلينظروا} إلى مصارع الأمم المكذبة لأنبيائهم وما جاءوهم به من الهدى ودين الحق من أجل هدايتهم، وسعادتهم.
٢ {ولدار الآخرة خير} مبتدأ وخبر، وهل الإضافة هنا كما هي في يوم الخميس وبارحة الأولى؟ خلاف ويُرجحَ أحدَ الرأيين فقول الشاعر:
ولو أقوت عليك ديار عبس
عرفت الذل عرفان اليقين
أي: عرفاناً يقينيا. قال النحاس: إضافة الشيء إلى نفسه محال، لأنّ الشيء يضاف إلى غيره ليعرّف به الأجود أن يقال: الصلاة الأولى.
٣ قرىء: {أفلا يعقلون} ؟ بالياء والتاء في السبع.
٤ منصوب على الحال، ومعناه إصابة من غير توقع {وهم لا يشعرون} : توكيد لمعنى بغتة. هذا كقوله تعالى {تأخذهم وهم يخصمون} .
٥ أي: على يقين وحق كقولهم: فلان مستبصر بهذا الأمر.
٦ قوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم} ردٌ على القائلين {لولا أنزل عليه ملك} .

<<  <  ج: ص:  >  >>