للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والبصير، أم هل تستوي الظلمات والنور١} ؟ والجواب قطعاً لا إذاً فكيف يستوى المؤمن والكافر، وكيف يستوي الهدى والضلال، فالمؤمن يعبد الله على بصيرة على علم أنه خالقه ورازقه يعلم سره ونجواه يجيبه إذا دعاه أرسل إليه رسوله وأنزل عليه كتابه، والكافر المشرك يعبد مخلوقاً من مخلوقات الله لا تملك لنفسها فضلاً عن عابديها نفعاً ولا ضراً لا تسمع نداءً ولا تجيب دعاء، المؤمن يعبد الله بما شرع له من عبادات وبما طلب منه من طاعات وقربات، والكافر المشرك يعبد الباطل بهواه، ويسلك سبيل الغيّ في الحياة.

وقوله: {أم جعلوا٢ لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم} أي بل جعلوا لله شركاء فخلقت تلك الشركاء مخلوقات كخلق الله فتشابه الخلق على المشركين فعبدوها ظناً منهم أنها خلقت كخلق الله؟ والجواب لا فإنها لم تخلق ولا تستطيع خلق ذبابة فضلاً عن غيرها إذاً فكيف تصح عبادتها وهي لم تخلق شيئاً، وقوله تعالى: {قل الله خالق كل٣ شيء وهو الواحد القهار} أي قل أيها الرسول للمشركين عند اعترافهم بأن آلهتهم لم تخلق شيئاً قل لهم: الله خالق كل شيء وهو الواحد الذي لا شريك له ولا ند ولا مِثْلَ، القهار لكل جبار والمذل لكل معاند كفار، هو المستحق للعبادة الواجب له الطاعة، الإيمان به هدى والكفر به ضلال.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

١- دعوة الحق لله وحده فهو المعبود بحق لا إله غيره ولا رب سواه.

٢- حرمان المشركين من دعائهم وسائر عباداتهم.

٣- الخلق كلهم يسجدون لله طوعاً أو كرهاً إذ الكل خانع خاضع لحكم الله وتدبيره فيه.


١ أم: للإضراب الانتقالي من قضية إلى أخرى واختيار العمى والبصر والنور والظلمات لبيان أنّ حال المؤمنين وحال الكافرين في تضاد فالمؤمنون مبصرون يمشون في النور، والكافرون عمي يمشون في الظلمات.
٢ هذا من تمام الاحتجاج والاستفهام للإضراب الانتقالي، وهو للتهكم بالمشركين، فالمعنى: لو جعلوا لله شركاء يخلقون فخلقوا كما يخلق الله فتشابه الخلق عليهم لكانوا معذورين ولكنهم لم يخلقوا ولن يخلقوا.
٣ في الآية رد على الملاحدة الشيوعيين الذين يكرون وجود الله جل جلاله ورد على القدرية الذين يزعمون أنهم يخلقون أفعالهم والله يقول: {والله خالق كل شيء} فلا يخرج شيء عن كونه مخلوقاً لله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>