للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كونوا ما شئتم فإن الله تعالى قادر على إحيائكم وبعثكم للحساب والجزاء وهو قوله تعالى: قل كونوا حجارة أو حديداً١ أو خلقا مما يكبر في٢ صدوركم أي مما يعظم في نفوسكم أن يقبل الحياة كالموت٣ مثلا فإن الله تعالى سيحييكم ويبعثكم. وقوله تعالى: فسيقولون من يعيدنا؟ يخبر تعالى رسوله أن منكري البعث سيقولون له مستبعدين البعث: من يعيدنا وعلمه الجواب فقال له قل الذي فطركم أي خلقكم أول مرة وهو جواب مسكت فالذي خلقكم ثم أماتكم هو الذي يعيدكم كما بدأكم وهو أهون عليه. وقوله تعالى {فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون متى هو} يخبر تعالى رسوله بما سيقوله منكروا البعث له فيقول تعالى {فسينغضون} أي يحركون إليك رؤوسهم خفضاً ورفعاً استهزاء ويقولون: {متى هو؟} أي متى البعث أي في أي يوم هو كائن. وقوله تعالى: {قل عسى أن يكون قريباً} علمه تعالى كيف يجيب المكذبين. وقوله {يوم يدعوكم فتستجيبون٤ بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلاً} أي يكون بعثكم الذي تنكرونه يوم يدعوكم بأمر الله تعالى إسرافيل من قبوركم فتستجيبون أي فتجيبونه بحمد٥ الله {وتظنون إن لبثتم} أي لبثتم إلا قليلاً أي ما لبثتم في قبوركم إلا قليلا٦ من اللبث وذلك لما تعاينون من الأهوال وتشاهدون من الأحوال المفزعة المرعبة.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

١- تقرير عقيدة البعث والجزاء وبيان حتميتها.

٢- بيان ما كان عليه المشركون من شدة إنكارهم للبعث الآخر.

٣- تعليم الله تعالى لرسوله كيف يجيب المنكرين المستهزئين بالتي هي أحسن.

٤- بيان الأسلوب الحواري الهادي الخالي من الغلظة والشدة.


١ الحديد: تراب معدني لا يوجد إلا في مغاور الأرض، وهو تراب غليظ وأصنافه ثمانية وأشهر أنواعه الأحمر وهو صنفان، ذكر وأنثى.
٢ قال مجاهد: يعني السموات والأرض والجبال لعظمها في النفوس.
٣ لأنّ الموت لا شيء أكبر منه في نفوس بني آدم، قال أمية بن الصلت:
وللّموت خلق في النفوس فظيع
وخلقاً بمعنى مخلوق،، ومن يكبر في صدوركم صفة له.
٤ روي أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "انكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم".
٥ قال سعيد بن جبير يخرج الكفار من قبورهم وهم يقولون: سبحانك وبحمدك.
٦ وقيل: هذا ما بين النفختين، وذلك أنّ العذاب يكفّ عن المعذّبين بين النفختين وذلك أربعين عاماً فينامون فإذا نفخ النفخة الثانية قالوا: من بعثنا من مرقدنا وظنّوا أنهم ما لبثوا إلاّ قليلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>