للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعروف: ما تعارف عليه الناس كثيراً أو قليلاً بحيث لا يزيد على الثلث.

التبديل: التغيير للشيء بآخر.

جنفاً أو إثماً: الجنف: الميل عن الحق خطأ، والإثم: تعمد الخروج عن الحق والعدل.

معنى الآيات:

بمناسبة ذكر آية القصاص وفيها أن القاتل عرضة للقتل، والمفروض فيه أن يوصي في ماله قبل قتله، ذكر تعالى آية الوصية هنا فقال تعالى: كتب عليكم أيها المسلمون إذا حضر أحدكم الموت إن ترك مالاً الوصية١، أي: الإيصاء للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين، ثم نسخ الله تعالى هذا الحكم بآية المواريث٢، ويقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فلا وصية لوارث" ٣، ونسخ الوجوب وبقي الاستحباب ولكن لغير الوالدين والأقربين الوارثين إلا أن يجيز ذلك الورثة وأن تكون الوصية ثلثاً فأقل، فإن زادت وأجازها الورثة جازت لحديث ابن عباس عند الدارقطني لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة، ودليل استحباب الوصية حديث سعد في الصحيح حيث أذن له الرسول في الوصية بالثلث، وقد تكون الوصية واجبة على المسلم وذلك إن ترك ديوناً لازمة، وحقوقاً واجبة في ذمته فيجب أن يوصي بقضائها واقتضائها بعد موته لحديث ابن عمر في الصحيح: " ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده"، هذا ما تضمنته الآية الأولى (١٨٠) ، وأما الآية الثانية٤ (١٨١) فيقول تعالى لعباده المؤمنين فمن بدل إيصاء مؤمن أوصى به بأن زاد فيه أو نقص أو غيره أو بدل نوعاً بآخر فلا إثم على الموصي ولكن الإثم على من بدل وغير، وختم هذا الحكم بقوله: أن الله سميع عليم، تهديداً ووعيداً لمن يقدم على تغيير الوصايا لغرض فاسد وهوى سيء، وفي الآية الأخيرة (١٨٢) أخر تعالى أن من خاف٥ من موص جنفاً أو ميلاً عن الحق والعدل بأن جار في وصيته بدون تعمد الجور ولكن خطأ أو خاف إيماً على الموصى حيث جار


١ {إِنْ تَرَكَ خَيْراً} : هذا شرط وجوبه الوصية إلا أن الشائع أن جواب الشرط يكون مقروناً بالفاء وسقطت هنا جوازاً كما في قول الشاعر:
من يفعل الحسنات الله يشكرها ... والشر بالشر عند الله مثلان
أي: فالله يشكره.
٢ آية المواريث في النساء وهي: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ... } إلى آخر الآيات إلى {حَلِيمٌ} .
٣ نص الحديث: "إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث". رواه أصحاب السنن وغيرهم، وهو صحيح الإسناد.
٤ هي قوله تعالى: {فَمَنْ خَافَ} إلخ.. والخطاب لسائر المسلمين، والإجماع على أن الموصي أن يغير في وصيته ويرجع فيما شاء منها إلا ما كان من تدبير العبد فإنه لا يرجع فيه.
٥ الخوف هنا: بمعنى الظن والتوقع، وقرئ: {موصٍ} ، من وصى المضاعف، أما {موصٍ} فهو من أوصى فهو موصٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>