ومشى حتى انتهى إلى البحر وانجاب له البحر فكان كالسرب فيه أي النفق فأجابه مرسى بما قص تعالى:{قال ذلك ما كنا نبغ} وذلك لأن الله تعالى جعل لموسى فقدان الحوت علامة على مكان الخضر الذي يوجد فيه {فارتدا} أي رجعا {على آثارهما قصصا} أي يتتبعان آثار أقدامهما {فوجدا} خضراً كما قال تعالى: {فوجدا عبداً١ من عبادنا} وهو خضر {آتيناه رحمة من عندنا} أي نبوة {وعلمناه من لدنا علماً} وهو علم غيب خاص به {قال له موسي} مستعطفاً له {هل أتبعك على أن تعلمني هما علمت رشداً} أي مما علمك الله رشداً أي رشاداً يدُلني على الحق وتحصل لي به هداية فأجابه خضر بما قال تعالى: {قال إنك لن تستطيع معي صبراً} يريد أنه يرى منه أموراً لا يقره عليها وخضر لابد يفعلها فيتضايق موسى لذلك ولا يطيق الصبر، وعلل له عدم استطاعته الصبر بقوله {وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً} أي علماً كاملاً. فأجابه موسى وقد صمم على الرحلة لطلب العلم مهما كلفه الثمن فقال {ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً} أي سأنتهي إلى ما تأمرني وإن لم يكن موافقاً لما أحب وأهوى.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- عتب الله تعالى على رسوله موسى عليه السلام عندما سئل هل هناك من هو أعلم منك فقال لا وكان المفروض أن يقول على الأقل الله أعلم. فعوقب لذلك فكلف هذه الرحلة الشاقة.
٢- استحباب الرفقة في السفر، وخدمة التلميذ للشيخ، إذ كان يوشع يخدم موسى بحمل الزاد.
٣- طروء النسيان على الإنسان مهما كان صالحاً.
٤- مراجعة الصواب بعد الخطأ خير من التمادي على الخطأ {فارتدا على آثارهما قصصا} .
٥- تجلى قدرة الله تعالى في إحياء الحوت بعد الموت، وانجياب الماء عليه حتى كان كالطاق فكان للحوت سرباً ولموسى وفتاه عجباً. وبه استدل موسى أي بهذا العجب على مكان خضر فوجده هناك.
٦- استحباب طلب المزيد من العلم مهما كان المرء عالماً وهنا أورد الحديث التالي وهو خير من قنطار ذهباً لمن حفظه وعمل به وهو قول ابن عباس رضي الله عنه قال سأل موسى ربه: قال رب أي عبادك أحب إليك؟ قال: الذي يذكرني ولا ينساني، قال: فأي عبيدك أقضى؟ قال الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى، قال: أي رب أي عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى
١ في البخاري: "فوجدا خضراً على طنْفَسة خضراء على كبد البحر مسجىَّ بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه فسلّم عليه موسى فكشف عن وجهه فقال: هل بأرضك من سلام؟ من أنت؟ قال: أنا موسى.." الخ.